حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا

          93- قَوله: (البَيِّعَانِ) [خ¦2079] تثْنية بَيْعٍ، والمرادُ بهما: البائعُ والمُشتَري، وغلب البائعُ على المشتري فقيْلَ: (البَيِّعانِ)(1).
          قولُه: (بِالخِيَارِ) أي: ملْتبسان بالخيارِ، أي: خيار المجْلس بين إمْضاء البَيْع وفسخِه.
          وقوله: (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) أي: مدَّة عدمِ التَّفرُّق، أي: وما لم يقُلْ أحدُهما للآخر: اخْتَر، بدليلِ الرِّوايةِ الأُخرى.
          وقوله: (أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا) شَكٌّ من الرَّاوي.
          قوله: (فَإنْ صَدَقَا) بألْفِ التَّثنية، أي: صدق كلُّ واحدٍ في صفات المبيع والثَّمن، بأن يصدقَ البائع في صفات المبيعِ ويصدقَ المشتري في صفاتِ الثَّمَنِ.
          قوله: (وَبَيَّنَا) أي: ما في السّلعة من العيوب والنَّقائصِ وقَدْر ما أعطيه من الثَّمن، والعطفُ للتَّفسير، فهو يرجعُ لما قبله.
          قوله: (بُوْرِكَ) أي: كثر النَّفْع لكلٍّ منهما.
          وقوله: (في بَيْعِهِمَا) أي: في متعلّقه، وهو الثَّمن والمثمن.
          قوله: (وَإنْ كَتَمَا...) إلى آخرِه.
          في الحديث دَِلالةٌ على حُصول البركةِ لهما إنْ حصلَ منهما الشَّرط وهو الصِّدْق والتَّبْيين، ومَحْقُهُما إنْ وجد ضِدّهما وهو الكَذب والكَتْمُ.
          وهل تحصل البَرَكةُ لأحدِهما إذا وجد منه المشروط دون الآخر!؟
          ظاهرُ الحديث يقْتضيه.
          ويحتملُ أن يعودَ شُؤمُ أحدِهما على الآخرِ بأن تُنزع البركةُ من المبيع إذا وجد الكذب أوِ الكتم من واحدٍ منهما، وإنْ كان الأجْرُ ثابتاً للصَّادِق المبين والوِزْر حاصلاً للكاذِب الآثِم.
          وفي الحديث(2): «إنَّ الدُّنيا لا يتمّ حُصُولها إلَّا بالعَمَلِ الصَّالحِ، وإنَّ شُؤمَ المعاصي يذهب بخَيْر الدُّنيا والآخرةِ».
          وهذا الحديث ذكرهُ البخاريُّ في باب: إذا بيَّن البائعان ولم يكْتما ونصحَا.


[1] من هنا يبدأ السقط في «ز1» ░112/أ▒.
[2] أورده ابن حجر في الفتح 4/311 ولم يعزه