حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة

          8- قوله: (عَنْ أَبي مَسْعُوْدٍ) [خ¦55] وهو عُقْبةُ بنُ عَمْرٍو _بفَتْح العَيْن، وسُكُونِ الميمِ_ ابنِ ثَعْلَبةَ الأنصاريُّ الخزْرَجيُّ البَدْريُّ المُتوفَّى بالكُوفةِ أو بالمديْنةِ قبل الأربعين، سنة إحدى وثلاثين، أو إحدى أو اثنتَين وأربعين.
          وقيل: في خلافةِ عليٍّ.
          وقيل: آخِر خلافة مُعاوِيةَ(1).
          قولُه: (إذا أنفَقَ الرَّجُلُ) أيْ: دَراهِم أَو غيرها، فحذف المعمول ليُفيد العُمُوم، أيْ: أيَّ نفقةٍ كانتْ صغيرةً أوْ كبيرةً.
          وقوله: (على أَهْلِهِ) أي: عياله مِنْ زَوجةٍ ووَلَدٍ وسائر مَن يُنْفق عليه وُجوباً.
          قوله: (يَحْتَسِبُهَا) أي: يُريد بها وَجْه الله تعالى، وهذه الجمْلةُ حاليَّةٌ.
          قالَ القُرْطُبيُّ(2): أفادَ منْطوقُ الحديْث أنَّ الأجْرَ بالإنْفاقِ إنَّما يحصلُ بقصْدِ القُرْبةِ سواءٌ كانتْ واجبةً أو مباحةً(3).
          وأفادَ / مفهومُه أنَّ مَن لم يقصَدِ القُرْبة لم يُؤجَر، لكن تُبرأ ذمَّته منَ النَّفقَة الواجبةِ، وكذا سائرُ الأعمالِ التي لا تتوقَّف صحَّتُها على النِّيَّة، وأمَّا ما يتوقَّف صحَّته عليها فإنَّه يُثاب عليه حيثُ عمله بقَصْدِ القُرْبة أو لم يقصدْ به القُرْبة ولا عَدَمها.
          قوله: (فَهِيَ) أي: النَّفَقَة.
          وفي رِوايةٍ: «فَهُوُ» أي: الإنفاقُ، و(لَهُ) متعلِّق ﺑ (صَدَقَةٌ)، وضميرُه عائدٌ على (الرَّجُل).
          قولُه: (صَدَقةٌ) أي: كالصَّدَقةِ في الثَّوابِ، فالتَّشْبِيهُ واقعٌ على أصْل الثَّوابِ، وليس المرادُ: إنَّها صَدَقةٌ حقيقيَّةٌ؛ وإلَّا لحرمتْ على الهاشِميِّ والمُطَّلبيِّ.
          والصَّارِفُ لَه عن الحقيقةِ الإجْماعُ.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البُخاريُّ في باب: ما جاءَ «إنَّ الأعْمالَ بالنِّية».


[1] قوله: «وقيل: في خلافة علي... خلافة معاوية» زيادة من «ز2» و«ز3» و«م»، وليست في الأصل وباقي النُّسخ.
[2] المفهم لما أشكل من صحيح مسلم 4/545.
[3] كذا في الأصل، وفي «م»: وغيرها.