حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: ما رأيت النبي صلى صلاة بغير ميقاتها إلا صلاتين

          80- قولُه: (عَنْ عَبْدِ الله) [خ¦1682] يَعْني: ابنَ مَسْعودٍ؛ لأنَّه متى أُطلق في كُتُب الحديثِ انْصَرَفَ إليه.
          قوله: (بِغَيْرِ مِيْقَاتِهَا) بالباء الموحَّدةِ.
          ولأبي ذَرٍّ: «لِغَيْرِ» باللَّام بدَلَ / الموحَّدةِ، أيْ: في غير وَقْتِها المُعتاد.
          قوله: (جَمَعَ) أي: جمْعَ تأْخيرٍ، بأنْ أخَّر المغربَ إلى وقْت العشاء، بسبب إرادةِ جمع التَّأخير، فالتي في غير وقْتِها المعتاد هي المغربُ، وإلَّا؛ فذلك الوقْتُ وَقْتٌ شَرْعيٌّ للمغْرِب.
          قالَ النَّوويُّ(1): احتجَّ الحنفيَّةُ بقولِ ابنِ مسعودٍ: «مَا رَأَيتُهُ ╕ صَلَّى صلاةً بغَيْرِ مِيْقاتِها إلَّا صلاتَيْنِ»، على منْعِ الجمع بينَ الصَّلاتَين في السَّفَرِ.
          وجوابُه: إنَّه مفهومٌ، وهم لا يقولونَ به، ونحنُ نقولُ به إذا لم يعارِضْه منْطوقٌ، وقد تظاهرتِ الأحادِيثُ على جوازِ الجمْع، ثمَّ هو متروك الظَّاهر بالإجْماع في صلاتَي الظُّهر والعصرِ بعَرَفات.
          وقد تعقَّبَه العَيْنيُّ(2) في قوله «إنَّه مفهومٌ، وهم لا يقولونَ به» فقال: لا نسلِّم هذا على إطْلاقه، وإنَّما لا يقولون بالمفهومِ المُخالف.
          قال: وما وردَ في الأحاديْث منَ الجمْعِ بين الصَّلاتَيْن في السَّفَرِ، فمعناهُ الجمعُ بينهما فِعْلاً لا وَقْتاً. انتهى.
          فليتأمَّل.
          قوله: (وَصَلَّى الفَجْرَ) أي: حين طلوعِه.
          وقوله: (قَبْلَ مِيْقَاتِهَا) أي: وقتِها المعتاد الذي كان يصلِّي فيه، وهو وقتُ مجيءِ بلالٍ يخبرُه بالوَقْت، وليس المرادُ أنَّه صلَّاها قَبْلَ الفَجْرِ؛ إذْ هو غيرُ جائزٍ بالاتِّفاقِ.
          وحِكْمةُ ذلك التَّعجيل المبالغةُ في التَّبكير، ليتَّسع الوقْت لفِعْل ما يستقبل منَ المناسكِ.
          أو يقال: معنى (قَبْلَ مِيْقاتِهَا) قبلَ ظُهور الوقْتِ لعامَّة النَّاسِ.
          وهذا الحدِيثُ ذكَرهُ البُخَاريُّ في باب: مَنْ يُصلِّي الفَجْر بجمع. أي: مصاحب لجمع صلاتَيْن قَبْلَه.


[1] في المجموع 4/371.
[2] العمدة 10/15.