حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك

          77- قوله: (بِوَادِي العَقِيْقِ) [خ¦1534] أي: حالة كوْنه (بِوَادِي العَقيْقِ)، أي: فيه، وهو بقُرب البَقِيْع، بينَه وبين المديْنة أربعة / أمْيالٍ.
          قوله: (آتٍ) وهو جِبْريلُ ╕.
          قوله: (صَلِّ) أي: رَكْعتَين سُنَّة الإحْرام.
          وقوله: (بِهذا الوَادِي) وفي نسْخةٍ: «في هذا الوَادِي»، أي: وادِي العَقيْق.
          واعترضَ على البخاريِّ بأنَّ هذا ليس مُطابقاً للتَّرجمة بقولِ النَّبيِّ صلعم؛ لأنَّ هذا قولُ جِبْريلَ.
          قوله: (وَقُلْ: عُمْرَةً): بالنَّصب لأبي ذَرٍّ، أي: قُلْ: جعلْتُها عُمْرةً، أي: جعلتُ العِبادة التي أُريد التَّلبُّس بها عُمْرةً، ﻓ (عُمْرَةً) منْصوبٌ بجَعَل، والكلام بأسره محكي بالقَولِ، لا شيء من أجزائه من حيث هو جزءٌ.
          ولغير أبي ذَرٍّ: «عُمْرَةٌ» بالرَّفْع، خبَرُ مبتدإٍ محذوفٍ، أي: قُلْ: هذه عُمْرةٌ.
          وقوله: (في حَجَّةٍ) يحتمل أنَّ (فِي) بمعنى: مَعَ، أي: قلْ: عُمْرةً مَع حَجَّةٍ، فيكون متمتِّعاً بأن قدَّمَ العُمْرةَ على الحجِّ فأحرم بالعُمرة وأتى بأعمالها، ثمَّ أحرم بالحجِّ وأتى بأعمالِه، أو مُفرداً بأنْ قدَّمَ الحجَّ وأتى بأعماله(1) على أعمال العُمْرةِ.
          ويحتمل أنَّ (في) على حقيقتها، أي: عُمْرةً مُدْرَجةً في حَجَّةٍ، فيكون المصطفى صلعم قارناً؛ لأنَّ أعمالَ العُمْرةِ تندرجُ في الحجِّ حال القِرَانِ.
          فهي أقوالٌ ثلاثةٌ في إحْرامه صلعم:
          فقيلَ: كان قارِناً.
          وقيْل: مُتمتِّعاً.
          وقيلَ: مفرداً.
          وجمعَ بينها الحافظُ(2) ابنُ حَجَرٍ بما حاصِله:
          إنَّ النَّبيَّ صلعم أحرمَ بالحجِّ أوَّلاً، ثمَّ أدخلَ عليه العُمرة خصوصيَّةً له صلعم؛ لأنَّ إدخالَ العُمْرةِ على الحجِّ لا يجوز.
          فمَن قال: إنَّه كان مفرداً، نَظَر إلى إحْرامِه بالحجِّ أوَّلاً.
          ومنْ قال: إنَّه كان قارِناً، نظَرَ إلى أنَّه جمعَ بينهما بعملٍ واحدٍ.
          ومَنْ قال: إنَّه كان مُتمتِّعاً، نَظَر إلى أنَّه انتفعَ بتقليل الأعمالِ؛ لأنَّ التَّمتُّعَ هو الانتفاعُ، فالمرادُ: التَّمتُّع اللُّغويُّ.
          وأصْلُ هذا الجمْعِ للنَّوويِّ في «مجموعِه»(3)، ونقَلَه عنه ابنُ حجرٍ المذْكور، والرَّملِيُّ في «شَرْحِه»(4).
          وذكَره في «المواهِب»، في مقصدِ عِباداتِه صلعم، وهو المقصدُ التَّاسِع.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البُخاريُّ في باب: قَول النَّبيِّ صلعم العَقيْق وادٍ مُباركٌ.


[1] قوله: «وأتى بأعماله» زيادة من «م» وبعض النُّسخ، وفي أصلنا وباقي النُّسخ: بأعماله.
[2] الفتح 3/430.
[3] المجموع 7/160.
[4] نهاية المحتاج 3/325.