حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: من رأى منكم الليلة رؤيا

          68- قولُه: (إذا صَلَّى صَلَاةً) [خ¦1386] وفي رِوايةٍ: «صَلَاتَهُ».
          وفي أُخرى: «صَلَاةَ الغَدَاةِ(1)».
          قوله: (فَيقُوْلُ: هَلْ رَأَى مِنْكُمْ أَحَدٌ) وفي رِوايةٍ: «فَقَالَ: هَلْ رَأَى...» إلى آخرِهِ.
          وفي رِوَايةٍ: «مَنْ رَأَى اللَّيْلَةَ»، مَع إسقاطِ «أَحَدٌ»، ففاعلُ (رَأَى) ضميرٌ يعودُ على «مَنْ»، وعلى الرِّواية الأُولى فلفظُ «أَحَدٌ» هو الفاعلُ.
          وقوله: (رُؤْيَا) بالقصرِ، وهو ممنوعٌ من الصَّرْف كحُبْلى، لكنَّه يُكتَب بالألِف.
          وقوله: (قَالَ) أي: الرَّاوي عَن سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ، وهو أَبو رَجَاءٍ.
          وقولُه: (فَيَقُوْلُ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          وقوله: (مَا شَاءَ اللهُ) أي: منَ القَوْل في تعْبير الرُّؤيا، أي: المتعلِّق بتعْبِيرِها.
          قَوله: (فَسَأَلَنَا يَوْماً) بفتح اللَّام، جملةٌ من الفِعْل والفاعِلِ _وهو الضَّميْر المُستتِر العائد على رسوْلِ الله صلعم_، ومِن المفعولِ وهو (نا) العائدةُ على الصَّحابةِ.
          و(يَوْماً) منْصوبٌ على الظَّرفيَّة.
          قوله: (قُلْنَا) أي: مَعْشر الصَّحابة (لا)، أي: لم يَرَ أحدٌ منَّا رُؤْيا.
          وقوله: (قَالَ: لكِنِّي) أي: قالَ رسولُ الله صلعم: «لكِنِّي...» إلى آخرِه، فكأنَّه يقولُ لهم: أنتم مَّا رأيتم شيئاً، لكنِّي رأيتُ (رَجُلَيْنِ)، وفي رِوايةٍ: «مَلَكَيْنِ».
          قوله: (إلى الأَرْضِ...) إلى آخرِه.
          وفي روايةٍ: «إلى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ» [خ¦2085].
          وفي أُخرى(2): «إلى أَرْضٍ فَضَاءٍ».
          وفي أُخرى(3): «أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ».
          وفي روايةٍ(4): «فانْطَلَقَا بِي إلى السَّمَاءِ».
          فالرِّواياتُ أرْبعٌ.
          قوله: (كَلُّوْبٌ) بفتحِ الكافِ وتشديدِ اللَّام المضمومة، ويقالُ لَه: كُلَّابٌ، بضمِّ الكاف، وهو منْ حديْدٍ، له شُعَبٌ يُعلَّق فيه اللَّحْمُ ونحوُه.
          وقوله: (مِنْ حَدِيْدٍ) لفظ (مِنْ) للبَيان.
          قوله: (قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا) هذه العبارةُ من كلام البُخاريِّ، وأُبهم ذلك البعضُ نِسْياناً، وليس ذلك الإبهامُ بقادِحٍ؛ لأنَّه لا يَرْوي إلَّا عَن / ثِقَةٍ.
          وقوله: (عَنْ مُوْسى) أيْ: ابنِ إسْماعِيلَ، الذي في أوَّل السَّنَدِ؛ لأنَّ البُخاريَّ قال: «حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إسْمَاعِيْلَ».
          ثمَّ إنَّ بعضَ أصْحابِ البُخاريِّ رَوى عَن مُوسى: «أنَّه يُدْخِلُهُ في شِدْقِهِ»، فنقلَها البُخاريُّ عَن بعضِ أَصحابِه، لا عَن مُوسى.
          فقولُه: (عَنْ مُوْسَى) مُتعلِّقٌ بمحذوفٍ، حالٌ مِن البَعْضِ، أي: حالة كون ذلك البعض ناقِلاً، عَن مُوْسى، عَن أَبِي(5) رَجَاءٍ(6)، عن سَمُرَةَ.
          قوله: (أنَّهُ يُدْخِلُهُ في شِدْقِهِ) أي: أنَّ الرَّجلَ القائمَ يُدْخِلُ _أي: ذلك الرَّجُل_ الكَلُّوْبَ في شِدْقِهِ، أي: الرَّجُل الجالِس، فاسمُ (أنَّ) وفاعلُ (يُدْخِلُ) ضميرانِ يعُودانِ على الرَّجُلِ القائم، ومفعولُ (يُدْخِلُ) عائدٌ على (الكَلُّوْبَ).
          والضَّميرُ الذي أُضيفَ إليه (شِدْقِ) عائدٌ على الرَّجُلِ الجالِس.
          والشِّدْقُ: عِبارةٌ عن جانِبِ الفَمِ.
          قوله: (حَتَّى يَبْلُغَ) غايةٌ لقولِه: (يُدْخِلُهُ)، وهو بسُكُون الباءِ الموحَّدةِ وضمِّ اللَّام، أي: يَصِلَ، وهو مِن بابِ دَخَلَ؛ كما في «المُخْتارِ».
          قوله: (ثُمَّ يَفْعَلُ) أي: الرَّجُلُ القائمُ بشِدْقِهِ، أي: بجانب فَمِ الرَّجُل الجالِس.
          وقوله: (الآخَرِ) بفَتْح الخاءِ، صِفةٌ ﻟ (شِدْق).
          وقوله: (مِثْلَ ذلِكَ) أي: مثلُ فِعْله بشِدْقِهِ المتقدِّم، بأنْ يضعَ (الكَلُّوْبَ في شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ).
          قوله: (وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ) أي: المشقوقُ أوَّلاً.
          وفي رِوايةٍ: «فما يَفْرُغُ مِنْ ذلك الجانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذلك الجانِبُ»، أي: الجانب المشقوق أوَّلاً.
          وقوله: (فَيَعُوْدُ) أي: ذلك الرَّجُل.
          وقوله: (فَيَضَعُ) بالضَّادِ المُعجَمةِ المفْتوحة.
          وقوله: (مِثْلَهُ) أي: مثلَ الوضْع الأوَّل.
          وما في بعض النُّسخ «فَيَصْنَعُ» بالصَّاد المُهمَلة والنُّون، فهي تحريفٌ مِن النُّسَّاخ، والذي في القَسْطَلَّانيِّ(7) والأُجْهُوريِّ: «فَيَضَعُ»، بالضَّادِ المعجمةِ وحذْفِ النُّونِ.
          وقوله: (قُلْتُ) أي: للرَّجُلَين، والقائلُ هو رَسولُ الله صلعم.
          قوله: (مَا هذا) أي: ما حالُ هذا الرَّجُل.
          وفي رِوايةٍ: «مَنْ هذا»، أي: مَن هذا الرَّجُل.
          قوله: (قَالَا) أي: الرَّجُلان.
          وقوله: (انْطَلِقْ) أي: مرَّةً أُخرى.
          وقوله: (فَانْطَلَقْنَا) أي: النَّبيُّ صلعم والرَّجُلانِ.
          وقوله: (حَتَّى أَتَيْنَا) غايةٌ ﻟ (انْطَلَقْنَا).
          وقوله: (على رَجُلٍ) مُتعلِّقٌ ﺑ (أَتَيْنَا).
          وقولُه: (مُضْطَجِعٌ) أي: مُستلْقٍ، و(على قَفَاهُ) مُتعلِّقٌ ﺑ (مُضْطَجِعٌ).
          وقوله: (وَرَجُلٌ قائِمٌ) جُملةٌ اسميَّةٌ حاليةٌ مُقترنةٌ بالواوِ.
          وقوله: (على رَأْسِهِ) أي: رأْس ذلك الرَّجُل المُضْطجع.
          قوله: (بفِهْرٍ) بكسرِ الفاءِ وسُكون الهاءِ، وهو حَجَرٌ ملءُ الكَفِّ.
          وقوله: (أَوْ صَخْرَةٍ) شكٌّ من الرَّاوي.
          قوله: (فَيَشْدَخُ) بفَتْح الياءِ التَّحتيَّة، وسُكون الشِّين المُعجمة، وفتح الدَّال المُهملة، وبالخاءِ المُعجمة، مأْخُوذٌ مِنَ الشَّدْخِ، وهو كَسْرُ الشَّيءِ الأَجْوَفِ.
          قال في «المخْتار»: شدخ: الشَّدْخُ: كَسْرُ الشَّيْءِ الأَجْوَفِ، وَبَابُه قَطَعَ، وشَدَخَ رَأْسَهُ فانْشَدَخَ. انتهى.
          وعبارة / «المصباح»: شَدَخْتُ رَأْسَهُ شَدْخَاً، مِنْ بابِ نَفَعَ: كَسَرْتُهُ، وكُلُّ عَظْمٍ أَجْوَفَ إذا كَسَرْتَهُ فَقَدْ شَدَخْتَهُ، وشَدَخْتُ القَضِيْبَ: كَسَرْتُهُ، فانْشَدَخَ. انتهى.
          قوله: (بِهَا) أي: بالصَّخرة.
          وفي روايةٍ: «بِهِ»، أي: بالفِهْرِ.
          وقوله: (فَإذا ضَرَبَهُ) أي: ضَرَبَ الرَّجُلُ القائمُ الرَّجلَ المضْطَجع.
          وقوله: (تَدَهْدَهَ) بفتح الدَّالَين المُهملتَين، بينهما هاءٌ ساكنةٌ، على وزن تَفَعْلَل، وهو بمعنى: تَدَحْرَجَ، و(الحجَرُ) فاعلُ (تَدَهْدَهَ).
          قوله: (فَانْطَلَقَ إلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ) أي: انْطلقَ الرَّجلُ القائمُ إلى الحجَرِ ليصنع مثلَ ما صنع أوَّلاً.
          وقوله: (فَلَا يَرْجِعُ إلى هذا) أي: فلا يرجع الرَّجلُ القائم إلى شَدْخ الرَّأْسِ.
          وقوله: (حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ) غايةٌ لقوله: (فَلَا يَرْجِعُ)، والضَّمير المضافُ إليه (رَأْسُ) عائدٌ على الرَّجُلِ المضْطجِعِ.
          قوله: (وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ) معطوفٌ على ما قبله على سبيل التَّوضيح له.
          وقوله: (إلَيْهِ) متعلقٌ ﺑ (عَادَ).
          قوله: (قُلْتُ) أي: قالَ النَّبيُّ صلعم للرَّجلَين.
          وقوله: (مَنْ هذا) أي: الرَّجل الذي يُشْدَخ رأسُه.
          وقوله: (قَالَا) أي: الرَّجلان.
          وقوله: (انْطَلِقْ) أي: انْطلاقاً ثالثاً.
          قوله: (إلى ثَقْبٍ) بفتح الثَّاء المثلَّثة، وسكُوْن القافِ.
          وفي رِوايةٍ بالنُّون بدَل الثَّاءِ.
          قوله: (التَّنُّوْرِ) بفتح التَّاءِ، وضمِّ النُّون المشدَّدة، آخِرُه راءٌ، وهو ما يُخْبز فيه.
          قوله: (يَتَوَقَّدُ) بفتح الياءِ التَّحتيَّة، و(تَحْتَهُ) بفتح التَّاءِ منصوْبٌ على الظَّرفيَّة، وفاعلُ (يَتَوَقَّدُ) ضميرٌ مُستترٌ عائدٌ على (الثَّقْبِ)، و(نَارَاً) منْصوبٌ على التَّمييز، أي: يتوقَّد الثَّقْبُ من جهة النَّارِ تحتَ التَّنُّور، كأنَّه قال: يتوقَّد ناره تحت التَّنُّورِ.
          وفي رِوايةٍ: «تَتَوَقَّدُ» بتاءَيْن فوقيَّتَين، و«نَارٌ» بالرَّفع فاعلٌ، والضَّمير في (تَحْتَه) راجعٌ ﻟ (التَّنُّوْرِ) على كُلٍّ من الرِّوايتَين.
          قوله: (اقْتَرَبَ) بهمْزة وَصْلٍ، وآخرُه باءٌ موحَّدةٌ، بمعنى: قَرُبَ، وفاعلُه ضميرٌ يعودُ على الوقودِ، أوِ الحرِّ الدَّال عليه قوله: (يَتَوَقَّدُ).
          وفي رِوايةٍ: «فإذا إقْتَرَّتْ» بهمْزة القَطْع، وبعدها قافٌ، وبمُثنَّاتَين فوقيَّتَين، بينهما راءٌ مهملةٌ، أي: التهبتْ وارتفعتْ.
          وفي رِوايةٍ: «فَتَرَتْ» بالفاءِ والتَّاءِ الفَوقيَّة المفْتوحتَين، وبالرَّاءِ، وسُكُونِ التَّاءِ الفَوقيَّة، أي: ضَعُفَتْ وانْكَسَرتْ، وهذا لا يُناسب ما بَعْدَه؛ فهذه الرِّوايةُ خلافُ الصَّحيح؛ لأنَّها تُنافي قولَه الآتي: (فَإذا خَمَدَتْ)، فالصَّحيحُ غيرُ هذه الرِّواية.
          وقوله: (ارْتَفَعُوْا) جوابُ (إذا)، والضَّمير عائدٌ على النَّاسِ الدَّال عليه سِياق الكلام، أي: صَعِدَ النَّاس إلى فوْقٍ لشِدَّة اللَّهَبِ والغَلَيان.
          قوله: (خَمَدَتْ) بفتحِ الخاءِ والميمِ والدَّال، مِن باب دَخَلَ، أي: سكنتْ.
          وقوله: (فِيْهَا) أي: النَّار. /
          وقوله: (مَا هذا) وفي رِوايةٍ: «مَنْ هذا».
          قوله: (فَانْطَلَقْنَا): أي: انطلاقاً رابِعاً.
          وقوله: (نَهَرٍ) بفَتْحِ الهاءِ وسُكونها.
          وقوله: (فِيْهِ) أي: في ذلك النَّهَرِ.
          قوله: (على شَطِّ(8) النَّهَرِ) خبرٌ مقدَّمٌ، وقوله: (رَجُلٌ) مبتدأٌ مُؤخَّرٌ، وما بينهما اعتراضٌ ذكَره للإشارة إلى رِوايةٍ ثانيةٍ، انفردَ بها ابنُ هارُوْنَ.
          فقولُه: (قَالَ يَزِيْدُ) منْ كلام البُخاريِّ، أي: قالَ البُخاريُّ: قال يزِيدُ.
          فرِوايةُ يَزِيدَ: (على شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ)، وفي(9) رِوايةِ غَيْرِه: (على وَسَطِ)، فقوله (رَجُلٌ) راجعٌ للرِّوايتَين، وفي رِوايةٍ ثالثةٍ: «وَعلى وَسَطِ النَّهَرِ» بزيادةِ واوٍ قبْلَ (على).
          قوله: (رَمَى الرَّجُلُ) برفْع (الرَّجُلُ) على الفاعليَّة، أي: الرَّجل الذي (بَيْنَ يَدَيْهِ) الحِجارةُ.
          قوله: (فَرَدَّهُ) أي: ردَّ الرَّجُلُ الذي بَيْن يدَيْه الحجارةُ(10) الرَّجُلَ الذي يُريد الخرُوجَ.
          وقوله: (حَيْثُ كَانَ) أي: للمكان الذي كان فيه.
          قوله: (قَالَا: انْطَلِقْ) أي: انْطِلاقاً خامِساً.
          وقوله: (حَتَّى أَتَيْنَا) وفي نُسخةٍ: «حَتَّى انْتَهَيْنَا»، أي: وصلْنا.
          وقوله: (وَفي أَصْلِهَا) أي: أصْل الشَّجرة.
          وفي رِوايةٍ: «فَإذا بَيْنَ ظَهْرانَي الرَّوْضةِ رَجُلٌ طَوِيْلٌ، لا أَكادُ أَرى رأْسَهُ طُولاً في السَّماءِ».
          قوله: (فَصَعِدَا بِي) أي: صَعِدَ الرَّجُلان بِي.
          وصَعِدَ بكَسْر العَين، منْ بابِ سَمِعَ.
          قال في «المصْباح»: وصَعِدَ في السُّلَّمِ والدَّرَجَةِ، يَصْعَدُ، مِنْ بابِ تَعِبَ، صُعُوْداً. انتهى(11).
          قولُه: (الشَّجَرَةَ) أي: التي في الرَّوضة الخضْراء، أي: صَعِدا بي عليْها.
          فإنْ قلْتَ: ظاهرُ هذا أنَّها الشَّجرةُ الأُولى لإعادتها معرفةً، وحينئذٍ؛ فيتَّجه أن يُقال: إذا كانتِ الدَّارانِ فَوْقَ الشَّجرةِ، فما معنى الصُّعود للدَّارِ الثَّانية؟!
          أُجيب بأنَّ الدَّارَ الأُولى في مكانٍ من الشَّجرة أسفل منَ المكان الذي فيه الدَّار الثَّانية من الشجرة، أو يُقال: إنَّ هذه القاعِدة أغْلَبِيَّةٌ، فالشَّجرة الثَّانية غيرُ الأُولى.
          قوله: (وَشَبَابٌ) وفي رِوايةٍ: «وشِبَّانٌ» بكسرِ الشِّين مع تشْديدِ الموحَّدة، وبالنُّونِ آخره، وهُما جمْعانِ لِشَابٍّ.
          قوله: (ثُمَّ أَخْرَجَانِي) أي: من الدَّارِ ونزلَا بي من الشَّجَرة، بناءً على أنَّ الشَّجرةَ الثَّانية غيرُ الأُولى، وأمَّا على كونها الأُولى، فالمرادُ: أَخْرَجَاني من الدَّار الأُولى وصَعِدَا بِي إلى محلٍّ في الشَّجرة أعْلى من الأَوَّل.
          قوله: (هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ مِنْهَا) أي: من الدَّار الأُولى.
          وفي نُسخةٍ: «أَحْسَنُ مِنْها وأَفْضَلُ».
          وفي أُخرى: «أَحْسَنُ وأَفْضَلُ»، بدون «مِنْهَا».
          قوله: (طَوَّفْتُمَانِي) بفتح الطَّاءِ المهملةِ والواوِ المشدَّدة، وضَمِّ التَّاءِ الفوْقيَّة، خِطابٌ للرَّجلَين، وهو بالنُّون.
          وفي رِوايةٍ(12) [طَوَّفْتُما بِي](13) بالباءِ المُوحَّدة.
          قوله: (فَأَخْبِرَانِي) بقَطْع الهمْزة، وكسر الباءِ الموحَّدة.
          قوله: (أمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ) بفتح التَّاءِ، خِطابٌ للنَّبيِّ صلعم.
          وقوله: (يُشَقُّ شِدْقُهُ) بضمِّ أوَّلِ (يُشَقُّ) مبْنياً للمفعول، و(شِدْقُهُ) _بكَسْر الشِّين / المعْجَمة، وسُكُون الدَّال المُهمَلة، أي: جانِب فَمِه_ نائبُ فاعِلٍ.
          قوله: (فَكَذَّابٌ).
          فإنْ قلْتَ: إنَّ الموصوْلَ الواقعَ مُبتدأً، إذا وقعَ على غير مُعيَّنٍ، يجوزُ أن يكون خَبَرُه بالفاءِ، نحو: الذي يأْتيني فَلَه دِرْهمٌ.
          وأمَّا إذا وقعَ على معيَّنٍ _كما هُنا_، فإتيانُ الفاءِ في خبَرِه مُشكلٌ!؟
          أُجِيْبَ بأنَّه إذا اعتبر مُشابهته للواقع على غير معيَّنٍ باعتبار اللَّفْظ، جاز وُقوعُ الفاءِ في خَبَرِه وإنْ لم يلاحظْ ذلك لم يجز، وهذا كلُّه على رِواية: «الَّذِي رَأَيْتَهُ».
          وأمَّا على رِواية: (أَمَّا الَّذِي) فلا إشْكال، لوُجوب اقْترانِه بالفاءِ، لكونه جواب (أَمَّا)، وجواب الملَكَين تفصيلٌ لتلْك الرُّؤيا المُتقدِّمة المُبهمة، فلابُدَّ مِن ذِكْر كلمة التَّفصيلِ أو تقْدِيرها.
          قوله: (يُحَدِّثُ بِالكَذْبَةِ): بفَتْح الكافِ وكَسْرها.
          وقوله: (فَتُحْمَلُ) أي: تُؤخذ وتُنقلُ (عَنْهُ).
          وقوله: (حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ) أي: مَشارق الأرضِ ومَغاربها.
          وقوله: (فَيُصْنَعُ) أي: ما رأيته من الشَّقِّ، فنائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُستترٌ عائدٌ على ما ذكر.
          وقوله: (إلى يَوْمِ القِيَامَةِ) غايةٌ ﻟ (يُصْنَعُ)، و«مِنْ» التي تُقابل بـ : إلى، مُقدَّرةٌ، والتَّقديرُ: مِن بَعْدِ الموْتِ إلى يوم القيامةِ.
          وقولُه: (يُشْدَخُ) بضمِّ أوَّله، مبْنياً للمفْعول.
          قوله: (فَنَامَ عَنْهُ) أي: عنِ القُرآن، أي: أعرضَ عن تلاوَتِه (بِاللَّيْلِ).
          وقوله: (لَم يَعْمَلْ فِيْهِ) أي: به في النَّهارِ.
          فإنْ قلْتَ: ظاهرُ هذا، أنَّه يُعذَّب على تَرْكِ تلاوةِ القُرآن باللَّيل، وليس كذلك!؟
          أُجِيْبَ بأنَّ التَّعْذيبَ على مجموع الأمْرَيْن، فالمرادُ: إنَّه يُعذَّب على تَرْكِ تلاوتِه وعلى تركِ العملِ، أو على أحَدِ الأمْرَيْنِ وهو تَرْك العَمَل به.
          أو يقالُ: إنَّ اللَّيلَ ليس قيداً، فالمراد: تعذيْبُه على نِسيانِه القُرآن، سواءٌ كانَ بعدمِ تلاوتِه ليلاً أوْ نهاراً.
          قوله: (يُفْعَلُ بِه) أي: يُفعل ما رأيتَه مِن شَدْخ الرَّأس.
          قوله: (وَالَّذِي رَأَيْتَهُ في الثَّقْبِ) أي: الفَريق (الَّذِي رَأَيْتَهُ في الثَّقْبِ)، أوِ «النَّقْبِ»، رِوايتانِ.
          قوله: (وَالَذِي رَأَيْتَهُ في النَّهَرِ) أي: والفريق الذي... إلى آخرِه، بدليلِ قولِه: (آكِلُو الرِّبَا).
          قالَ القَسْطلَّانيُّ(14): وإنَّما قدَّرنا لفظَ: فَرِيق؛ لئلَّا يشكل الإخْبار بالجمْع وهو (آكِلُو) عنِ المُفْرَدِ وهُو (الَّذِي).
          قوله: (وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ) أي: الصِّبيان الكائنُونَ حَوْل سيِّدِنا إبراهيمَ الخليْلِ ╕.
          قوله: (فَأَوْلَادُ النَّاسِ) دخلَتِ الفاءُ على الخبَر؛ لأنَّ هذه الجملةَ معطوفةٌ على مدخُولِ (أمَّا) في قوله: (أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ).
          وهذا هو مَوضعُ ترجمةِ البُخاريِّ؛ فإنَّ النَّاسَ عامٌّ يشملُ المؤمنين وغيرَهُم، فحُكْم أولادِ المُشركين في الآخرةِ حكْمُ أوْلادِ المُؤمنين.
          والمرادُ: أوْلادُ كُفَّارِ هذه الأُمَّة مِن غير خلافٍ، بخلافِ أولادِ كفَّارِ غَيْرِهِم منَ الأُممِ فَفيهمُ الخِلاف، والرَّاجحُ أنَّهم في الجنَّة.
          قوله: (الَّتِي دَخَلْتَ) أي: / فيها، فالجملةُ صِلَةٌ، والعائدُ مَحذوفٌ.
          وقوله: (الجنَّةُ) خَبَر المبتدإ وهو الدَّارُ، و(دَارُ عامَّةِ) بَدَلٌ مِنَ (الجنَّةُ).
          وفي نُسخةٍ حذف (الجنَّةُ)، وهو أَوْلى؛ لأنَّ ثُبوتَها يُفيد أنَّ (دَار الشُّهَداءِ) ليستْ منَ الجنَّة كما يظهر لمن تأمَّل، لكن الخطب في ذلك سهلٌ، والمراد ﺑ (عامَّةِ المُؤمِنيْن): الذين هُم غير الشُّهداء.
          قوله: (فَدَارُ الشُّهَدَاءِ) هذا يدلُّ على أنَّ دارَ الشُّهداءِ أرفعُ المنازِلِ.
          قوله: (مِثْلُ السَّحَابِ) وفي رِوايةٍ: «مِثْلُ الرَّايةِ البَيْضَاءِ».
          وقوله: (قَالَا: ذلِكَ) وفي روايةٍ: «ذَاكَ».
          وقوله: (دَعَانِي) أي: اتْرُكَانِي.
          وقوله: (فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ(15)) أي: العُمُر الباقي.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البُخاريُّ في باب: ما قيْل في أَوْلَادِ المشْرِكِين.


[1] كذا في «ز6»، وفي الأصل و«م» وباقي النُّسَخ: الغد.
[2] أحمد 20177.
[3] البيهقي 10776، الطبراني في الكبير 6990.
[4] ذكره السيوطي في جامع الأحاديث 33626 وعزاه لابن عساكر.
[5] كذا في الأصل و«ز6»، وسقطت في «م» وجميع النُّسخ.
[6] كذا في الأصل وأغلب النُّسخ، وفي «ز2» و«م»: رجال.
[7] ما في إرشاد الساري 2/471 (فيصنع)           وهو الصواب بدليل الروايات الأخرى في البخاري: (فيفعل).
[8] كذا في الأصل، وفي «ز6» و«م»: وسط.
[9] من «ز6».
[10] في هامش «ز6»: على الرجل.
[11] كذا في الأصل، وسقطت من «م».
[12] رواية جرير كما في الفتح 12/444.
[13] ما بين الحاصرتَين منِّي.
[14] إرشاد الساري 2/473.
[15] كذا في الأصل، وفي «م»: استكملته.