حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث أبي هريرة: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة

          62- قوله: (مَا بَيْنَ بَيْتِي) [خ¦1196] أي: قَبْري ومِنْبَري رَوْضةٌ(1)... إلى آخرِه.
          قيل: إنَّ ذلك الموضع بعَيْنه يُنقل إلى الجنَّة، فهو مَجازٌ باعتبارِ المآلِ، أي: يؤول إلى كونه رَوضةً من رِياض الجنَّة.
          وقيل: إنَّها منَ الجنَّة كالحجَرِ الأسْودِ.
          وقيل: إنَّها تُوصلُ المُلازِمَ للطَّاعات فيها إلى الجنَّة، فهو مجازٌ من باب إطْلاق اسم المسبّبِ على السَّبَب، فاللهُ ╡ ينقلُه إلى روْضةٍ من رِياض الجنَّة بسبب مُلازمتِه للطَّاعاتِ في هذا المكان.
          ويردّ على هذا القَول أنَّ التَّوصُّلَ إلى الجنَّة لا يختصّ بمُلازمةِ الطَّاعاتِ في ذلك المكان، إلَّا أنْ يرادَ التَّوصُّل إلى مَنْزلةٍ عاليةٍ أعلى مِن غيرها في الجنَّة.
          قوله: (وَمِنْبَرِي على حَوْضِي) المرادُ مِنْبَرُه بعَيْنه الذي كان في الدُّنيا، فيُعاد في الآخرة ويُوضع على الحوْضِ.
          وقيل: إنَّ له مِنْبراً في الدَّار الآخرة، يدعو النَّاس وهو واقفٌ عليه إلى الحوض، والمرادُ بالحوض هُنا: الكَوْثَرُ الذي هو نَهَرٌ داخلُ الجنَّة، أعطاهُ اللهُ لنبِيِّه صلعم، تُرابُه مِسْكٌ، وماؤُه أبيضُ من اللَّبن وأَحْلى من العَسَلِ.
          واعلمْ أنَّ للنَّبيِّ صلعم حوْضَين، حَوْضاً قبل الصِّراط، وحَوْضاً بَعْدَه، وكلٌّ منهما خارج الجنَّة بخلاف الكَوْثَرِ، فإنَّه داخلُها ويصبُّ منه فيهما.
          وهذا الحديث ذكَره البُخاريُّ في باب: فضْل ما بين القَبْرِ والمنْبَر.


[1] كذا في الأصل، وليست في «م».