حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: على مكانكم

          39- قوله: (أُقِيْمَتِ الصَّلَاةُ) [خ¦640] أي: بعد أنْ أذِن النَّبيُّ صلعم في إقامتِها.
          وقوله: (فَسَوَّى) أي: عَدَّلَ.
          قال في «المِصْباحِ»: وسَوَّيْتُهُ: عَدَّلْتُهُ. [انتهى](1).
          قولُه: (فَخَرَجَ رَسُوْلُ الله صلعم) أي: خرجَ إليهم من الحجرة.
          فإنْ قلتَ: قولُه (خَرَجَ) صريحٌ في أنَّ الإقامةَ والتَّسويةَ قبل خُروجِ النَّبيِّ صلعم الأوَّل؛ وحينئذٍ فيقال: كيفَ أقاموا وسووا الصُّفوف قبلَ خُروجِه؟!
          قلتُ: المعتبرُ فيهما إذْن الإمام، سواءٌ كان داخلاً أوْ خارِجاً، وقد أذِن لهم فيهما.
          قوله: (وَهُوَ جُنُبٌ) أي: في نفسِ الأمْرِ، لا أنَّهم اطَّلعوا على ذلك منْه قبل أنْ يُعْلِمَهُمْ، فلمَّا قامَ في مُصلَّاه ذَكَر أنَّه جُنُبٌ.
          قوله: (ثُمَّ قَالَ).
          وفي رِوايةٍ: (فَقَالَ).
          وقولُه: (على مَكَانِكُمْ) أي: اثبتوا فيه ولا تتفرَّقوا، وهذا القولُ يحتملُ أنْ يكوْنَ بعْدَ أن أحرم بأنْ تذكَّر بعده أنَّه جُنُبٌ، ويحتمل أن يكون قبْلَ الإحْرام.
          قوله: (فَرَجَعَ) أي: إلى الحجرة.
          وقوله: (ثُمَّ خَرَجَ) أي: إلى المسجدِ.
          وقوله: (وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً) جُملةٌ منْ مبتدإٍ وخَبَرٍ، وهي في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ، و(مَاءً) منْصوبٌ على التَّمْييزِ.
          قال في «المختارِ»: وقَطَرَ الماءُ وغَيْرُهُ، مِن بابِ نَصَرَ. انتهى.
          قوله: (فَصَلَّى بِهِمْ) أي: مِن غير إعادة الإقامةِ، كما هو ظاهر السِّياقِ.
          وفي بعضِ الأُصولِ هُنا زيادةٌ نبَّه عليها الحافظُ ابنُ حَجَرٍ(2)، وهي: قيل لأَبي عبدِ الله _يَعْني: البُخاريَّ_ إنْ بَدَا لأَحَدِنا(3) مثل هذا يَفْعلُ كما فعلَ النَّبيُّ صلعم؟
          قال: فأيُّ شيءٍ يصنع!
          فقيلَ: أينتظرونه قياماً أو قُعُوداً؟
          قال _أي: البُخاريُّ_: إذا كان قبلَ التَّكْبير للإحرام _أي: تكبير الإمام_ فلا بأْسَ أن يقعدوا، وإنْ كانَ بعْدَ التَّكْبير انتظروهُ حال كونهم قِياماً.
          وهذا الحديثُ ذكَرهُ البخاريُّ في باب: إذا قال الإمامُ: مَكَانكُم.


[1] ما بين الحاصرتَين منِّي.
[2] الفتح 2/122.
[3] كتب فوقها في «ز1»: أي: وقع.