حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني وعليكم بالسكينة

          38- قوله: (إذا أُقِيْمَتِ الصَّلَاةُ) [خ¦638] أي: ذُكرت ألْفاظُ الإقامةِ.
          وقوله: (فَلَا تَقُوْمُوْا) أي: إلى الصَّلاة.
          قوله: (حَتَّى تَرَوْنِي) أي: تبصروني قائماً، فإذا رأيتُموني فقُوْموا؛ وذلك لئلَّا يطول عليهم القيامُ، ولأنَّه قد يعرض له ما يُؤخِّره.
          واختلف في وَقْت القيام إلى الصَّلاة:
          فقالَ إمامُنا الأعظمُ والجُمْهورُ: عِنْد الفراغِ مِن الإقامةِ، وهو قولُ أبي يوسفَ.
          وعنْدَ مالكٍ أوَّلها، وفي «الموطإ» أنَّه يرى ذلك على طاقة النَّاسِ، فإنَّ منهمُ الثَّقيلَ(1) والخفيفَ.
          وقال(2) أبو حَنيْفةَ: إنَّه يقومُ في الصَّفِّ إذا قال: حَيَّ على الفَلَاحِ، فإذا قال: قَدْ قامَتِ الصَّلاة، كبَّر الإمامُ.
          وقالَ الجمهورُ: لا يُكبِّر الإمامُ حتَّى يفرغ المؤذِّنُ مِن الإقامةِ، وقالَ أحمدُ: يقُومُ إذا قال: حَيَّ على الصَّلاةِ.
          قوله: (وَعَلَيْكُمُ السَّكِيْنةَ) بالنَّصْبِ على أنَّه مفعولٌ ﻟ (عَلَيْكُم)، وبالرَّفْع على أنَّه مُبتدأٌ مُؤخَّر، (وَعَلَيْكُمْ) خبرٌ مُقدَّم كما مرَّ في روايةٍ أُخرى، أي: عليكُم التَّأنِّي في الحركات واجتناب العَبَثِ.
          وقوله: (وَالوَقَار).
          قال عِياضٌ(3) والقُرْطُبيُّ(4): هو بمعنى السَّكِيْنة، وذُكر على سبيْل التَّأكيدِ. وقال النَّوويُّ(5): الظَّاهر أنَّ بينهما فَرْقاً؛ لأنَّ السَّكينةَ التَّأنِّي في الحركاتِ واجتناب العَبَثِ، والوَقَارَ في الهيئة وخفض الصَّوْت وعدَم الالْتِفات.
          فإنْ قلْتَ: الأمْرُ بالسَّكينةِ يُنافيه قولُه تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9]، فإنَّ السَّعْيَ المشْيُ بُسرعة!؟
          أُجِيْبَ بأنَّ المرادَ بالسَّعْي المضيُّ والذَّهابُ لا الإسْراع؛ بدليل القراءةِ الأُخرى الشَّاذَّة وهيَ: ▬فَامْضُوْا↨.
          وهذا الحديثُ ذَكَره / البُخاريُّ في باب: متى يقوم النَّاس.


[1] في هامش «ز1»: أي: في الحركة.
[2] كذا في بعض «ز1»، وفي الأصل: قال.
[3] المشارق 2/293.
[4] المفهم 2/220.
[5] شرح مسلم 5/100