حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه

          276- قوله: (بَيْنَا) [خ¦7006] بدُونِ ميمٍ.
          قوله: (أُتِيْتُ) بالبِناءِ للمَجهول، أي: أَتاني آتٍ مِن عِنْد رِبِّي.
          قوله: (بِقَدَحِ لَبَنٍ) أي: بقَدَحٍ فيْه لَبَنٌ.
          قوله: (حَتَّى إِنِّي) بكسرِ الهمْزةِ على أنَّ (حَتَّى) ابتدائيَّةٌ، وبفتحِها / على أنَّها غائيَّةٌ.
          قوله: (لَأَرَى) اللَّامُ للتَّأكيدِ، والهمْزةُ مفْتوحةٌ.
          وقولُه: (الرِّيَّ) بكسرِ الرَّاءِ، أي: أَثَرَهُ، أو نَزَّلَه منزلة المرئيِّ فهو استعارةٌ، فاندفع ما يقال: إنَّ الرِّيَّ مَعْنًى منَ المعاني لا يُرى.
          قوله: (يَخْرُجُ مِنْ أظْفَارِي) في مَوضع نَصْبٍ مفعولٌ ثانٍ (لَأَرَى) إنْ قُدِّرت عِلْميَّة، أو حالاً إنْ قُدِّرت بصَريَّة.
          وفي روايةٍ: «في أَظْفارِي».
          قوله: (فَضْلِي) أي: الذي فضل من لَبَنِ القَدَح الذي شَرِبتُ منْه.
          قوله: (يَعْني: عُمَرَ) هُو من كلام الرَّاوي، وفهم هذا من القَرَائن أنَّه عُمر، فكان عُمر جالِساً فأشارَ لهُ المُصطفى صلعم.
          قوله: (قَالُوا): أي: مَن حَوْله من الصَّحابة.
          قوله: (فَمَا أَوَّلْتَهُ) أي: عَبَّرتَه وفسَّرْتَه.
          قوله: (العِلْمَُ) بالرَّفْع على أنَّه خبرُ مبتدإ محذوفٍ، والتَّقدير المُؤوَّلُ به العِلْمُ.
          وبالنَّصْب على أنَّه مفعولٌ لفِعْلٍ محذوفٍ، والتَّقديرُ: أوَّلْتُه العِلْمَ، لاشتراكِ اللَّبَن والعِلْم في كَثرة النَّفْع بهما وكونِهما سبَبَي الصَّلاح، ذلك في الأشباح والآخرُ في الأرْواح.
          وقال القاضي أبو بكْرِ بنُ العَرَبيِّ(1): الذي خَلَّصَ اللَّبَنَ {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} قادِرٌ على أنْ يخلقَ المعرِفةَ مِن بين شكٍّ وجَهْلٍ.
          لكن خصَّ الديْنَوَريُّ اللَّبَنَ المذْكُورَ هنا بلبن الإبلِ قال: ولبنُ البَقَر خَصْبُ السنة ومالٌ حلالٌ، ولبنُ الشَّاة مالٌ وسُرورٌ وصحَّةُ جسمٍ، وألبانُ الوحش شَكٌّ في الدِّيْن، وألْبانُ السباع غيرُ محمودةٍ إلَّا أنَّ لبنَ اللبوةِ مالٌ مَع عداوةٍ لِذِي أمْرٍ(2).
          وقال أبو سَهْلٍ: لَبَنُ الأسدِ يدلُّ على الظَّفَر بالعدوِّ، ولبنُ الكَلْب يدلُّ على الخوف، ولبن السِّنَّور والثَّعْلب يدلُّ على الرِّضا، ولبنُ النمرِ يدلُّ على إظْهارِ العداوةِ.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البخاريُّ في باب: اللَّبَنِ.


[1] عارضة الأحوذي 9/135_136.
[2] ينظر: «التَّعبير القادِري» لأبي سعد نصر بن يعقوب الدِّيْنَوري ░1/ 260-263▒.