حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: إنه لا يرد شيئًا وإنما يستخرج به من البخيل

          268- قوله: (نَهَى النَّبِيُّ صلعم) [خ¦6608] أي: نهيُ تَنْزِيهٍ.
          واعترض نَهيه صلعم عنِ النَّذْر مَع وُجوب الوَفاءِ به عِنْد حُصولِ المعلّق به!؟
          وأُجِيْبَ بأنَّ المنْهيَّ عنه النَّذْرُ الذي يعتقد أنه يُغني عنِ القَدَر ويدفَعُه، وأمَّا النَّذْرُ مَع اعتقادِ أنَّ النَّافعَ والضَّارَّ هو اللهُ فليسَ مَنهيّاً عنْه.
          قَوله: (لا يَرُدُّ شَيْئاً) أي: من القَدَر.
          ولمسلم: «لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْني مِنَ القَدَرِ شَيئاً»، والمعنى: لا تَنْذِرُوه على أنَّكُم تدفعون به ما قُدِّر عليكم، أو تدرِكون به شيئاً لم يُقدِّرِ اللهُ عليكم.
          فإنْ قلتَ: قوله: «لا يَرُدُّ شَيْئاً» يخالفُ ما وردَ من أنَّ «الصَّدَقةَ تَرُدُّ البَلَاءَ»!؟
          قلت: لا يخالفه؛ إذِ المرادُ الصَّدَقةُ على غَيْر وَجْه النَّذْرِ.
          قوله: (إنَّمَا يُسْتَخْرَجُ) وفي رِوايةٍ: «وإنَّما»، بزيادة الواوِ.
          قوله: (مِنَ البَخِيْلِ) وفي نُسْخةٍ: «مِنْ مالِ البَخِيْلِ».
          وإنَّما استُخرج به مِن مال البخيْلِ؛ لأنَّ النَّذْر قد يُوافِق المُقدَّر فيخرجُ مِن مال البخِيلِ ما لَولا وُجودُ النَّذْر لم يكن يُريد أنْ يُخْرِجَه.
          وفي قولِه: (يُسْتَخْرَجُ) دِلالةٌ على وُجوب الوفاءِ.
          وهذا الحديثُ ذَكَرَه البخاريُّ في باب: إلْقاء النَّذْرِ العَبْدَ إلى القَدَرِ.