حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء

262- قوله: (يُحْشَرُ) [خ¦6521] بضمِّ التَّحتيَّة، أي: يحشرُ اللهُ النَّاسَ.
          قوله: (عَفْرَاءَ) بفَتْحِ العَيْن المهملة، وسُكُونِ الفاءِ، بَعْدها راءٌ، فهمْزةٌ، فهُو ممْدُودٌ، أي: ليس بياضُها خالِصاً.
          قولُه: (كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ) أي: خُبْزٍ نَقِيٍّ، ﻓ (نَقِيٍّ) صِفةٌ لموصوفٍ مَحذوفٍ، ومعنى (نَقِيٍّ) سالمٌ دقيقُه من النُّخَالَةِ والغشِّ.
          قوله: (قَالَ سَهْلٌ) أي: أحدُ رُواةِ الحديثِ.
          قوله: (أَوْ غَيْرُهُ) شكٌّ من الرَّاوي.
          قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ(1): ولم أقِفْ على اسم ذلك الغَيْر.
          قوله: (لَيْسَ فِيْهَا) أي: الأرض المذْكورة.
          قوله: (مَعْلَمٌ) بفَتْح الميْم واللَّامِ، بينهُما عينٌ مُهملةٌ ساكنةٌ، آخرُه ميْمٌ، أي: علامةٌ يستدلُّ بها على الطَّرِيق.
          أو: ليس فيها علامةُ سكنى، ولا أثرٍ من جَبَلٍ، وصَخْرةٍ بارزةٍ.
          فَفي ذلك إشارةٌ إلى أنَّ أرض الدُّنيا ذهبتْ وانقطعتِ العلامةُ منْها، فتُبدَّل أرضُ الدُّنيا بأرضٍ غيرها «لم يُسْفَكْ فيها دَمٌ حَرَامٌ، ولم يُعْمَلْ عليها خَطِيئةٌ».
          والحِكْمةُ في ذلك، أنَّ اليومَ يَوْمُ عَدْلٍ وإظْهارِ حَقٍّ، فاقتضتِ الحِكْمةُ أنْ يكونَ المحلُّ الذي يقع فيه ذلك طاهِراً من عملِ المعصية والظُّلْمِ.
          ولأنَّ الحكْمَ في ذلك اليوم إنَّما يكون لله وَحْدَه، فناسَب أنْ يكونَ المحلُّ خالِصاً له تعالى وَحْدَه.
          روى الطَّبرانيُّ(2)، عن سعِيدِ بنِ جُبيْر قال: «تكوْنُ الأرضُ خُبْزةً بيضاء، يأكلُ المُؤمنُ مِنْ تَحت قدَمَيْه».
          ورَوى البَيْهقيُّ(3): «{تُبَدَّلُ الْأَرْضُ} مثلُ الخُبْزةِ، يأكُلُ منْها أهْلُ الإسلام حتَّى يَفْرُغُوا مِن الحِسابِ».
          وحِكْمتُه أنَّ المؤمنين لا يُعاقَبون بالجُوْع في طُول زمَنِ الموقِف.
          وهذا الحديثُ ذكرَه البخاريُّ في باب: يقبض اللهُ الأرضَ، أي: يبدلها، قالَ تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم:48].


[1] الفتح 11/375.
[2] لم أجده في كتب الطبراني وقد ذكره ابن حجر في الفتح 11/373 وعزاه للطبري وهو فعلاً في جامع البيان = تفسير الطبري 17/49.
[3] لم أجده في كتب البيهقي قاطبة           وقد عزاه ابن حجر له في الفتح 11/373.