حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: اخنع الأسماء عند الله يوم القيامة

          251- قَوله: (أخْنَعُ) [خ¦6205] بهمْزةٍ مفْتوحةٍ، فَخاءٌ مُعْجَمةٌ ساكِنةٌ، فَنُونٌ مفْتوحةٌ، فعَينٌ مُهمَلةٌ، أي: أَوْضَعُ وأَذَلُّ.
          وفي روايةٍ: «أَخْنَى»، بالألِف المقْصوْرةِ بَدَلَ العَيْن المهملة، بمعنى: أَفْحَشُ، ومنْه: الخَنَا، أي: الزِّنا، سُمِّي به لفُحْشِه.
          قولُه: (رَجُلٌ).
          اعْتُرضَ بأنَّ هذا الإخْبارَ غَيْرُ صَحيحٍ؛ لأنَّ أفعلَ التَّفضيلِ بعض ما يُضاف إليه، فمصدوقُ (أَخْنَعُ) اسمٌ، فقد أخْبَر باسم الذَّاتِ عَنِ اسمِ المعنى!؟
          وأُجِيْبَ بأنَّه على حذفِ مُضافٍ، أي: اسمُ رَجُلٍ، أوْ أَخْنَعُ مُسمَّى الأسماءِ، فيُقدَّرُ المضافُ في الأوَّل أوْ في الثَّاني، فهو مِن باب المجازِ بالحذفِ.
          ويصحُّ أنْ يكونَ المراد بالاسم المسمَّى مَجازاً مُرسلاً، أي: أخْنعُ المسمَّياتِ والرِّجالِ رجُلٌ... كقولِه تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1]، أي: نزِّه مُسمّى هُو {رَبِّكَ}.
          وفيه منَ المُبالغةِ أنَّه إذا قَدَّسَ اسمَه عمَّا لا يليق به فذاتُه بالتَّقدِيس أَوْلى.
          قوْله: (مَلِكَ) وفي رِوايةٍ لأبي ذَرٍّ: «بِمَلِكِ»، بزِيادة باءٍ مُوحَّدةٍ.
          و(مَلِكَ) بكَسْرِ اللَّامِ، أي: سمَّى نفسَه ﺑ (مَلِكَ الأَمْلَاكِ)، أو سمَّاهُ بِه غَيْره فرَضِيَه، ويلحق بمَلِكِ الأمْلاكِ: سُلْطانُ السَّلَاطِين، وأَقضى القُضاة.
          وأمَّا قاضي القُضاة، فليس منْهياً عنْه.
          وإنَّما كان (مَلِك الأمْلاكِ) أَخْنَعَ الأسماءِ؛ لأنَّ هذا الاسمَ مِن صِفاتِ الحقِّ جَلَّ جلالُه، فلا يليق بمَخلوقٍ؛ لأنَّ الذي يناسب المخلوقُ إنَّما هو الذّلَّ والخُضوعَ.
          وهذا الحديثُ ذكرَه البخاريُّ في باب: أبغض الأسماءِ إلى الله تعالى.