حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي

          247- قوله: (لا يَقُوْلَنَّ) [خ¦6179] النَّهْيُ مَحمولٌ على التَّنْزيه.
          قوله: (خَبُثَتْ) بفَتْح الخاءِ المعجمة، وضمِّ الموحَّدة، وبالمثلَّثةِ.
          قال في «المختار»: الخَبِيْثُ ضِدُّ الطَّيِّبِ، وَقَدَ خَبُثَ الشَّيْءُ _بِالضَّمِّ_ خَبَاثَةً. [انتهى](1).
          قولُه: (لِيَقُلْ) الأمْرُ للنَّدْبِ.
          قَوله: (لَقِسَتْ) بفَتْحِ اللَّامِ والسِّين، بينهما قافٌ مكْسورةٌ، وهي بمعنى (خَبُثَتْ)، لكنَّه صلعم كَرِه لفظَ الخبث واخْتارَ اللَّفْظَ السَّالمَ منَ البَشاعةِ.
          وقد كان صلعم يُعجبُه الاسمَ الحسنَ ويَتَفاءلُ بِه، ويكْره اللَّفظَ القَبِيحَ ويُغيِّرُهُ.
          قال ابنُ أبي جَمْرةَ(2): فلَو عبَّر بما يُؤدِّي معنى (لَقِسَتْ) كفى، ولكن تَرَكَ الأَولى. /
          قال: ويُؤخذ منَ الحدِيث استحبابُ مُجانَبةِ الألْفاظِ القَبِيحةِ والأسماءِ القبيْحَةِ والعدولُ إلى ما لا قُبح فيه.
          والخُبْثُ واللَّقْسُ وإنْ كانَ المعْنى المرادُ يَتأدَّى بكُلٍّ منهُما، لكنْ لفظُ الخُبْثِ قَبيْحٌ، ويجمعُ أُمُوراً زائدةً على المرادِ، بخلاف اللَّقْسِ؛ فإنَّه يختصُّ بامْتلاءِ المَعِدةِ.
          قال: وفيْه أنَّ المَرْءَ يَطْلُبُ الخيْرَ حتَّى بالفألِ الحسَنِ، ويُضِيْفُ الخيْرَ إلى نَفْسِه ولو نِسبةً مَّا، ويدفعُ الشَّرَّ عن نفسِه ما أمكنَ، ويقطعُ الوصلةَ بَيْنه وبين أهْلِ الشَّرِّ حتَّى في الألفاظِ المُشتركةِ.
          قال: ويلتحقُ بهذا أنَّ الضَّعيفَ إذا سُئل عن حالِه لا يقول: لستُ بطَيِّبٍ، وإنَّما يقُولُ: ضَعِيفٌ، ولا يُخْرِجُ نفسَه من الطَّيِّبيْنَ فيُلْحِقَها بالخَبِيْثِيْنَ.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البُخاريُّ في باب: لَا يَقُلْ: خَبُثَتْ نَفْسي [خ¦6180].


[1] ما بين الحاصرتَين منِّي.
[2] بهجة النفوس 4/176.