حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا

          233- قولُه: (رَدِيْفَ) [خ¦5967] الرِّدْفُ والرَّدِيْفُ: الرَّاكِبُ خَلْفَ مالِكِ الدَّابَّةِ بإذنِه، وَرِدْفُ كُلِّ شيءٍ مُؤخَّرُهُ، وأصْلُه منَ الرُّكُوبِ على الرِّدْفِ وهُو العَجُزُ، ولهذا قيلَ للرَّاكبِ الأصليِّ: رَكِبَ صَدْرَ الدَّابَّةِ، وَرَدِفْتُ الرَّجُلَ: إذا رَكِبْتُ وَرَاءَهُ، وأَرْدَفْتُهُ إذا رَكَبْتَهُ وَرَاءَكَ.
          قوله: (آخِرَةُ) بفَتْح الهمْزة المدودةِ، وكسْرِ الخاءِ العجمة والرَّاءِ، بوَزْن فاعِلَةٍ، وهي التي يَسْتَنِدُ اليها الرَّاكبُ مِن خَلْفِه، ومُرادُه البالِغةُ في شدَّةِ قُرْبِه، ليكون أوْقَعَ في نفْسِ السَّامِع فيضبطُ ما سمعَه.
          قوله: (الرَّحْلِ) هو بسُكُونِ الحاءِ المهملة، أصْغَرُ / مِن القَتَبِ، والجمْعُ الرِّحَالُ والأَرْحُلُ، ويقال: رَحَلَ البَعِيْرَ: شَدَّ على ظَهْرِه الرَّحْلَ، وبَابُه قَطَعَ.
          قوله: (فَقَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          قوله: (يَا مُعَاذُ) زادَ أبو ذَرٍّ، عنِ المُسْتَمْلِيِّ: «ابنُ جَبَلٍ».
          قوله: (لَبَّيْكَ) أي: أجبتُكَ إجابةً بعْدَ إجابةٍ، وأصْلُه: لَبَّيْنِ لَكَ، فحُذفتِ النُّوْنُ للإضافةِ واللَّامُ للتَّخْفيفِ، وأصلُه مُثنًّى، والمرادُ منْه التَّكْثِيرُ.
          قَوله: (رَسُوْل الله) وللكُشْمَيْهَنيِّ: «يا رَسُوْل الله».
          قوْله: (وَسَعْدَيْكَ) تأكيدٌ ﻟ (لَبَّيْكَ) للاهْتمامِ بما يُخبره.
          قوله: (ابنُ جَبَلٍ) سقطَ (ابنُ جَبلٍ) لأبي ذَرٍّ.
          وقوله: (رَسُوْل الله) وللكُشْمَيهَنيِّ: «يا رَسُوْل الله».
          قوله: (حَقُّ العِبَادِ على الله) هُو مِن بابِ المُشاكَلَة، وهو نوعٌ مِن أَنواع البَدِيْع الذي يحسن به الكلام، والمرادُ به: إنَّه حقٌّ شرعيٌّ، لا واجبٌ بالعَقْلِ كما يقوله المُعْتَزِلَةُ، وكأنَّه لمَّا وَعَدَ به وَوَعْدُه الصِّدْقُ صارَ حَقّاً منْ هذه الجهةِ.
          قوله: (إذا فَعَلُوْهُ) أي: حقَّ الله تعالى.
          وفي الحديثِ دِلالةٌ على جوازِ الإرْدَافِ، لكن بشرطِ إطاقةِ الدَّابَّةِ ذلك.
          ورُبَّما أَرْدَفَ خَلْفَه، وأركبَ أَمامَه، وأَرْدَفَ بَعْضَ نِسائِه، وأَرْدَفَ أُسَامةَ مِن عَرَفَةَ إلى المُزْدَلِفَةِ، وأَرْدَفَ الفَضْلَ بنَ العَبَّاسِ مِن مُزْدَلِفَة إلى مِنًى.
          وقد أفردَ ابنُ مَنْدَهْ أسماءَ مَنْ أرْدَفَه النَّبيُّ صلعم خَلْفَه(1)، فبَلُغوا ثلاثين نَفْساً.
          وهذا الحديثُ ذكَره البُخاريُّ في باب: إرْداف الرَّجُل خَلْف الرَّجُلِ.


[1] يعني في تصنيف، واسمه «معْرِفة أسامي أرداف النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».