حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: أهدي لرسول الله فروج حرير فلبسه

          230- قولُه: (عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ) [خ¦5801] هُو الجُهنيُّ، وصرَّحَ به في رِواية عبد الحميْد[17390] بنِ جَعْفَرٍ ومحمَّدِ[17332] بنِ إسْحاقَ؛ كلاهُما، عن يَزِيد بنِ أبي حَبِيْبٍ عِنْد أحْمدَ.
          قولُه: (أُهْدِيَ) بضمِّ الهمْزَة، وكسرِ الدَّالِ.
          قوْله: (فَرُّوْجُ) بضَمِّ الفاءِ، وضمِّ الرَّاءِ مُشدَّدة، بَعْدها واوٌ فجِيمٌ، هو مُضافٌ، و(حَرِيْرٍ) بالجرِّ مُضافٌ إليه.
          والفَرُّوْجُ: القَبَاءُ الذي شُقَّ مِنْ خَلْفِه.
          قوله: (فَلِبَسَهُ) لكونه كانَ حلالاً.
          قَوله: (ثُمَّ صَلَّى فِيْهِ) في رِوايةِ ابنِ إسْحاقَ عِنْد أحمدَ: «ثُمَّ صَلَّى فِيْهِ المَغْرِبَ».
          قوله: (ثُمَّ انْصَرَفَ) أي: مِن صلاتِه بأنْ سَلَّمَ بعدَ فَراغِه.
          وفي رِواية ابنِ إسحاقَ: «فلمَّا قَضى صَلاتَه».
          وفي رِوايةِ عبد الحمِيْد: «فلمَّا / سلَّمَ مِن صلاتِهِ».
          وهو المرادُ بالانصرافِ في رِوايةِ اللَّيثِ [خ¦5801].
          قوله: (فَنَزَعَهُ) أي: الفّرُّوج نَزْعاً شديداً.
          زادَ أحمدُ في رِوايتِه(1) عنْ حَجَّاجٍ وهاشِم: «عَنيْفاً»، أي: بقوَّةٍ ومُبادرةٍ لذلك على خلافِ عادتِه في الرِّفْق والتَّأنِّي، وهو ممَّا يؤكِّد أنَّ التَّحريمَ وقَعَ حينئذٍ.
          قولُه: (كَالكَارِهِ لَهُ) زادَ أحمدُ في رِوايةِ عبد الحميد بنِ جَعفرٍ: «ثُمَّ ألْقاهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُوْلَ الله قَدْ لَبِسْتَهُ وَصَلَّيْتَ فِيْهِ».
          قوْله: (لَا يَنْبَغِي هذا) يحتملُ أنْ تكونَ الإشارةُ للُّبْسِ، ويحتملُ أنْ تكونَ للحَرِيْرِ فيتناول غَيْر اللُّبْسِ من الاستعمالِ كالافْتراشِ.
          قوله: (لِلمُتَّقِيْنَ) همُ المؤمنونَ الذين وَقُوا أنفُسَهم منَ الخُلُود في النَّارِ، وهذا مقامُ العُمُومِ والنَّاسُ فيْه على دَرَجاتٍ، ومَقَامُ الخُصوصِ مَقامُ الإحْسان، والمرادُ هنا الأوَّلُ.
          وهذه القصَّةُ كانتْ مَبْدَأَ تحريمِ لُبْسِ الحرِيرِ، والرَّاجحُ أنَّ النِّساءَ لا يدخلْنَ في لفْظِ هذا الحديث، ودُخُولهنَّ على سَبيلِ التَّغْليبِ يمنعه ورودُ الأدلَّةِ الصَّريحةِ بإباحتِه لهنَّ.
          وأمَّا الصِّبْيانُ فلا يحرم عليهم؛ لأنَّهم لا يُوصَفون بالتَّقوى؛ لأنَّهم غيرُ مكلَّفين، وهذا ما صحَّحَه الرَّافِعيُّ في «المحرَّر»، والنَّوَويُّ في «نُكَتِه».
          وصحَّحَ النَّووِيُّ في «شَرْحِه»(2) تحريمَه بعد السَّبْع لئلَّا يعتاده، وفي «المَجموع»[4/463]: ولو ضُبِطَ بالتَّمْييز على هذا كان حَسَناً.
          وصحَّح ابنُ الصَّلَاحِ(3) تحريمَه مُطْلقاً لظاهرِ خَبَرِ: «هذا حَرَامٌ على ذُكُوْرِ أُمَّتِي»[س 5147].
          قال في «المجموع»[5/9]: ومحلُّ الخِلافِ في غير يوْمِ العِيْدِ، أمَّا فيه فيحلُّ تزيينهم به وبالذَّهَب والفِضَّة قطعاً؛ لأنَّه يومُ زيْنةٍ وليس على الصَّبِيِّ تَعبُّد.
          والرَّاجحُ أنَّه يجوزُ للوَليِّ إلْباس الصَّبِيِّ الحريْر مُطْلقاً، سَواءٌ كان قَبْل السَّبْع والتَّمْييز أَوْ لا.
          وسواءٌ كان في يَوْمِ العِيْدِ أَوْ لَا.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البُخاريُّ في باب: القَبَاء وفَرُّوج الحرِيْرِ.


[1] 17381 وهذه الزيادة كذلك موجودة في الروايتين السابقتين في أحمد 17332، 17390.
[2] الروضة 1/574.
[3] كما في المجموع.