حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه

          200- قوله: (بِالآيَتَيْنِ) [خ¦5008] يَحتملُ أنْ تكونَ الباءُ زائدةً، أي: مَنْ قرأَ الآيتَين.
          ويحتملُ أنْ تكون أصْليَّةً، وضَمَّن (قَرَأَ) اشتغلَ أو تبرَّك.
          ولأبي الوَقْت: «قَرَأَ الآيَتَيْنِ»، بحذْف الباءِ.
          قوله: (مِنْ آخِرِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ) أي: مِن قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ...} إلى آخرِ السُّورة، فإنَّ آخرَ الآيةِ الأُولى {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، والثَّانية مِن {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا...} إلى آخرِ السُّوْرة(1).
          وأمَّا {مَا اكْتَسَبَتْ}، فلَيْس / رأْسَ آيةٍ باتِّفاقِ القارِئين.
          قولُه: (كَفَتَاهُ) أيْ: أجْزأَتاهُ عَن قِيامِ اللَّيلِ.
          أو عَن قِراءةِ القُرآن مُطْلقاً داخلَ الصَّلاة وخارِجَها.
          أو دَفَعتا عنْه شَرَّ الشَّيْطان، أوْ شَرَّ الإنْسِ والجِنِّ.
          أوْ وَقَتَاهُ كُلَّ سُوءٍ.
          أوْ أجزأتاهُ فيما يتعلَّق بالاعْتِقادِ، لما اشتملتا عليه منَ الإيمان والأعْمالِ إجماعاً.
          أوْ كَفَتاهُ بما حصلَ له بسببهما من الثَّوابِ عَن طَلَب آخَر.
          والأَوْلى أنْ يُرادَ جميع ما تقدَّمَ.
          وعَنْ ابنِ مَسْعُودٍ(2)، مِن طرِيقِ عاصمٍ، عَن ذَرٍّ، عنْ عَلْقمةَ: «مَنْ قَرَأَ خاتمةَ البَقَرة، أجزأَتْ عَن قِيامِ لَيْلَةٍ».
          وعِنْد الحاكمِ[2065، 3031] وصحَّحَه، عنِ النُّعْمانِ بنِ بشيرٍ: «إنَّ اللهَ كَتَبَ كِتاباً، وأنزلَ منْه آيتَين ختمَ بهما سُورة البقَرة، لا يُقْرآنِ في دارٍ فيقربها الشَّيْطان ثلاث ليالٍ».
          وزادَ أبو عُبيْدٍ(3) منْ مُرْسَلِ ابنِ جُبيْر(4): «فاقْرَؤُوهُما وعَلِّمُوهما أبناءَكُم، فإنَّهما قُرآنٌ وصلاةٌ ودُعاءٌ».
          وكأنَّهما اختُصَّتا بذلك لما تضمَّنتاهُ من الثَّناءِ على الصَّحابة بجميلِ انقيادِهم إلى الله تعالى، وابتهالِهم و رُجوعِهم إليه، وما حصل لهم من الاجابة إلى مَطْلوبهم.
          وهذا الحديثُ ذكَره البخاريُّ في باب: فَضْل البقَرةِ [خ¦5009].


[1] الآيتان ░285▒ و░286▒ من سورة البقرة.
[2] ذكره في الفتح 9/56.
[3] ذكره في الفتح 9/56.
[4] قوله: «ابن جبير» كذا في جميع النُّسخ! وفيه نظر، إذْ هو عند الإطلاق سعيْد بن جُبير، وأمَّا الذي في «فضائل القرآن» لأبي عُبيد القاسم بن سلَّام البغداديِّ رقم 350 (ص: 233 - كثير) فـ : جُبير بن نفيْر. وهو الصَّواب، والله تعالى أعلم.