حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا

          169- قولُه: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ) [خ¦3276] وفي نُسخةٍ: «شَيْطَانُ أَحَدِكُمْ»، أي: فيُوسْوِسُ لَه.
          قوله: (مَنْ خَلَقَ كَذَا) أي: بالتَّكرار مرَّتين.
          قَوله: (فَإذا بَلَغَهُ) أي: بلغ الشَّيْطانُ هذا القَول، أي: قول (مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ).
          قوله: (فَلْيَسْتَعِذْ) أي: الأحدُ بأنْ يقول: أعوذُ بالله من الشَّيطان الرَّجِيم، قالَ تعالى {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف:200].
          قوله: (وَلْيَنْتَهِ) من الانتهاءِ، أي: ولينزجرْ عنِ الاستِرْسال مع الشَّيطان، وليُبادِر إلى قَطْع كلام الشَّيْطان بالإعراض عنه، فإنَّ الأمْرَ الطارِئ بغير أصْلٍ ولا دليلٍ يدفعُ بغير نظَرٍ في دليلٍ.
          قال بعضُهم: ولو أذن المصطفى صلعم في مُحاجَّة الشَّيطان، لكان الجواب سهلاً على كلِّ مُوحَّدٍ، فإنَّ الجوابَ يُؤخذ من كلامِه، فإنَّ أوَّلَه يناقضُ آخرَه، فإنَّ جميعَ المخلوقات من إنْسٍ وجِنٍّ وملَكٍ، وحَيوانٍ وجَمادٍ داخلٌ تحت الخلْقِ.
          فلو فتح الباب الذي ذكَره الشَّيطان للزمَ منه أنْ يقال: مَن خَلَق هذا الشَّيء، ومَن خلَقَ هذا وخلق... ويمتدُّ القولُ إلى ما لا يتناهى، والقولُ بما لا يتناهى فاسدٌ، فيسقط سُؤاله من أصْلِه بالمرَّة لعنَه اللهُ.
          وهذا الحديثُ ذَكَره البخاريُّ في باب: صِفة إبْلِيْس وجُنودِه أيضاً.