حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: كان رسول الله أجود الناس.

          163- قولُه: (أَجْوَدَ النَّاسِ) [خ¦3220] بالنَّصْب، خبرُ (كَانَ)، أي: أكثرهم جوداً وإعطاءً.
          قَوله: (وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُوْنُ في رَمَضَانَ) برَفْع (أَجْوَدُ) اسم (كَانَ)، وخبرُها محذوفٌ وُجوباً تقديرُه حاصِلاً، و(مَا) مَصْدريَّةٌ، و(في رَمَضَانَ) حالٌ سدَّت مسدَّ الخبَر.
          والأصلُ: وكانَ أَجودُ أكوانِ الرِّسولِ صلعم حاصِلاً في رَمَضانَ، فهذا التَّركيبُ نظيرُ قولِك: أخْطَبُ ما يكونُ الأميْرُ قائماً.
          قال في «الخلاصة»:
وَقَبْلَ حالٍ لا يكونُ خَبَراً                     عَنِ الذي خَبَرُه قدْ أُضْمِرا
كَضَرْبِيَ العَبْدَ مُسِيْئاً...
          إلى آخرِه.
          قوله: (حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبْرِيْلُ) متعلِّقٌ ﺑ (أَجْوَدُ)، أي: في وَقْت مُلاقاة جِبْريلَ للنَّبيِّ صلعم؛ إذْ في مُلاقاته زيادةُ تَرَقٍّ، فينبغي لمنِ اجتمعَ بالأكابِر زيادةُ الجُودِ وَقْت الاجتماعِ بهم.
          قوله: (فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ) بنَصْب (القُرآنَ) مفعولٌ ثانٍ ﻟ (يُدَارِسُ)، على حدِّ: جاذَبْتُه الثَّوْبَ.
          قوله: (فَلَرَسُوْلُ الله) بلام الابتداءِ.
          وفي رواية أبي ذَرٍّ، عنِ الكُشْميْهَنيِّ: «فإنَّ رَسُوْلَ الله صلعم».
          قوله: (أَجْوَدُ): بالرَّفْع خبرُ المبتدإ، أَو خبر (إنَّ).
          قوله: (مِنَ الرِّيْحِ المُرْسَلَةِ) يحتملُ أنَّه أرادَ بها التي أُرسلت بالبُشرى بين يَدَي رحْمةِ الله؛ / وذلك لعُموم نفعِها، قالَ اللهُ تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات:1].
          وأحدُ الوُجوه في الآية أنَّه أرادَ بها الرِّياحَ المُرسَلات في الإحْسان، فشَبَّه نَشْرَ جُودِه صلعم بالخيْر في العِباد بنشرِ الرِّيْح المطر في البِلاد، وشتَّان ما بين الأثَرَيْن؛ فإنَّ أحدَهما يُحيي القَلْب بعد موتِه والآخرَ يُحيي الأرض بعد موتِها، والأوَّلُ أبلغُ.
          وقد كان ╕ يَبْذِل المعروف قبلَ أن يُسأل، وإذا وَجَدَ جادَ، وإذا لم يَجِدْ وَعَدَ ولم يخلف الميعادَ، ويظهر منه آثار ذلك في رمَضَانَ أكثر ممَّا يظهر منه في غيره.
          وهذا الحديثُ ذكَره البخاريُّ في باب ذِكْر الملائكة أيضاً.