حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا...

          155- قولُه: (أَوْفَى) [خ¦3155] بفَتْح الهمْزة، وسكُون الواوِ، خِلافاً للمُناويِّ على «الجامِع الصَّغير»؛ حيثُ ضبطَه بفَتْح الواوِ أيضاً!
          قوله: (مَجَاعَةٌ) أي: جُوعٌ شديدٌ.
          وهو / بالرَّفْع فاعل (أَصَابَ).
          قوله: (لَيَالِيَ خَيْبَرَ) أي: غَزْوة خَيْبر، وكانتْ سنةَ سبْعٍ من الهِجْرة.
          قوله: (وَقَعْنَا في الحُمْرِ) أي: غَنِمْناها، والحُمْرُ: جَمْعُ حِمَارٍ.
          وفي رِوايةِ البَرَاءِ وابنِ أبي أَوْفَى في المغازِي: «فَأَصَابُوا حُمْراً فَطَبَخُوْهَا» [خ¦4221].
          قوْله: (مُنَادِي) هُو أبو طَلْحةَ.
          قوله: (أَكْفِئُوا) بفتح الهمْزَةِ، وسكُون الكافِ، وكسرِ الفاءِ، وبهَمْزةٍ.
          ولابنِ عَساكرَ: «أَنِ اكْفَؤوا»، أيْ: أميلوا القُدورَ ليراق ما فيْها.
          قوله: (ولا تَطْعَمُوا) بفتح التَّاءِ الفوقيَّة والعَين المهملة، أي: لا تَذُوقوا.
          قوله: (قَالَ عَبْدُ الله) أي: ابنُ أبي أَوْفَى.
          قوله: (فَقُلْنَا) أي: قالَ بعضُ الصَّحابةِ.
          قوله: (عَنْهَا) وفي نُسخةٍ إسقاطُها، وهي على تقديرِها.
          قوله: (لم تُخَمَّسْ) بضمِّ أوَّلِه، وفتح ثالثِه المشدَّد، أي: لم يُؤخذ منها الخُمْس.
          قوله: (قَالَ) أي: عبدُ الله بنُ أبي أَوْفَى.
          قوله: (وقالَ آخَرُوْنَ) أي: من الصَّحابة.
          قوله: (حَرَّمَهَا) أي: حَرَّمَ النَّبيُّ صلعم الحُمْرَ الأهْليَّة.
          قوله: (الْبَتَّةَ) أي: قَطْعاً من البَتِّ، أي: القطع، وهو منْصوبٌ على المصْدريَّة، وهمْزتُه همْزةُ وَصْلٍ لا قَطْعٍ كما قيْلَ.
          قوله: (وَسَأَلْتُ...) إلى آخرِه.
          هذا ظاهرٌ في أنَّ الصَّحابيَّ _وهو عبدَ الله بنَ أبي أَوْفَى_ سألَ التَّابعيَّ _وهُو سعيدَ بنَ جُبيْرٍ_، وذلك لا يَضُرّ.
          قوله: (حَرَّمَهَا) وفي نسخةٍ: «إنَّما حَرَّمَهَا»، أي: الحُمْر الأهليَّة، وهي ممَّا تكرَّر النَّسْخُ له، فقد كانتْ حَلالاً، ثمَّ حُرِّمت، ثمَّ حُلِّلَت، ثُمَّ حُرِّمَتْ إلى الآن.
          وكذا القِبْلةُ؛ كانتْ أوَّلاً للكَعْبة، ثمَّ حُوِّلت لبيْت المقْدِسِ، ثمَّ للكَعْبةِ.
          وكذا الوضوءُ ممَّا تمسّه النَّار، ونكاح المُتْعة.
          وقيل: «الخمر»، بدَلَ: (الحُمْرِ الأَهْلِيَّةِ).
          قال بعضُهم:
وأرْبَعٌ تكرَّرَ النَّسْخُ لَها                     جاءَتْ بها النُّصُوْصُ والآثارُ
فَقِبْلةٌ فمُتْعةٌ فخَمْرٌ                     كذا الوُضوءُ مِمَّا تَمَسَّ النَّارُ
          وهذا الحديثُ ذكَره البخاريُّ في باب: ما يُصيبُ من الطَّعام في أرض الحربِ [خ¦3155].
          أي: باب حُكْمه وهو الإباحة للغانِمين، أي: إباحة أكْلِ الطَّعام لهم قبل اخْتيار التملك، وقبل رجوعهم لعُمران الإسلام من القُوْتِ والأُدْمِ والفاكِهةِ ونحوِها ممَّا يُعتاد أكْلُه للآدَميِّ عُموماً كاللَّحْم والشَّحْم، والعَلَف للدَّواب شَعِيْراً وتِبْنًا؛ لما في البُخاريِّ، عَن عبدِ الله بنِ مُغفَّلٍ [خ¦3153] قال:
          «كنَّا مُحاصِرِيْنَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمى إنسانٌ بجِرابٍ فيه شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَه، فالْتَفَتُّ، فإذا النَّبيُّ صلعم، فاسْتَحْيَيْتُ(1) مِنْه».
          ولحديثِ أبي داوُدَ [2704] والحاكمِ [2578] وقال: صحيحٌ على شرْطِ البُخاريِّ، عن عبدِ الله بنِ أبي أَوْفَى قال: «أَصَبْنا مَع رسولِ الله صلعم بخَيْبرَ طَعاماً، فكانَ كلُّ واحدٍ مِنَّا يأْخُذُ مِنْه قَدْرَ كِفايتِهِ».
          والمعنى فيه عزته بدارِ الحرْبِ غالباً لإحرازِ أهله له عنَّا، فجعلَه الشَّارعُ مُباحاً.
          ولأنَّه قد يفسد، وقد يتعذر نقله، وقد تزيدُ مؤنة نقلِه عليه سواءٌ كان معَه طعامٌ يكفيه أمْ لا؛ لعُموم الأحاديث، ويتزوَّدون منه لقَطْعِ المسافةِ التي بين أيديهم بقَدْرِ الحاجةِ ولو كانوا أغنياء عنْه.
          نَعَمْ؛ لو أكَلَ فَوْقَ حاجَتِه لزمَه قيمته كما صرَّحَ به في «الرَّوْضة»[7/460].
          قال الزَّرْكَشيُّ(2): وكذا ينبغي أن يقالَ به في عَلَفِ الدَّواب، لا الفَانِيْد والسُّكَّر والأدْوِية التي تَنْدر الحاجة إليها، ولا انتفاع بمركُوبٍ وملْبوْسٍ منَ الغنيْمة، فلو خالفَ لزمته الأُجرة كما تلزمه القيمة(3) إذا أتلفَ بعض الأعيان.
          فإنِ احتاجَ إلى مَلبُوسٍ لبَرْدٍ / أو حَرٍّ، ألبَسَه الإمامُ بالأُجرة مُدَّة حاجتِه، ثمَّ يرده(4) إلى المغْنَم بعد زَوالها، فإنْ لم تكن ضرورة لم يجز لَه استعماله.


[1] كذا في «ز2» و«ف3»، وفي الأصل و«م» وباقي النُّسخ: فاستحيت.
[2] كما في القسطلاني إرشاد الساري 5/229.
[3] كذا في الأصل وباقي النُّسخ، وفي «ز2»: الغنيمة.
[4] كذا في الأصل، وفي «ز5»: يؤده.