حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: ما أحب أنه يحول لي ذهبًا يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث

          99- قولُه: (فَلَمَّا أَبْصَرَ) [خ¦2388] أي: النَّبيُّ صلعم.
          قوله: (يَعْني: أُحُداً) مُدْرَجةٌ من كلام الرَّاوي عَن أَبي ذَرٍّ.
          أوْ مِنْ كلامِ أبي ذَرٍّ.
          وأُحُدٌ: جَبَلٌ مشهورٌ بالمدِيْنة.
          قوله: (أنَّهُ) أي: (أُحُداً).
          قوله: (تَحَوَّلَ) بفتْحِ المثنَّاةِ الفَوقيَّة، كـ : تَفَعَّلَ.
          ولغَيْر أبي ذَرٍّ: «يُحَوَّلُ» بضمِّ المثنَّاة التَّحتيَّة، مبْنياً للمَفعولِ، مِن باب التَّفْعِيْلِ، وفيه حَوَّلَ، بمعنى: صَيَّرَ.
          قال في «[شواهد] التَّوْضيح»(1): وهو استعمالٌ صَحيحٌ، وقد خَفِيَ على أكثرِ النَّحْويِّين، حتَّى أنكَر بعضُهم على الحرِيْريِّ قولَه في الخمْرِ:
وما شيءٌ إذا فَسَدَا                     تَحوَّلَ غَيُّهُ رَشَدَا
زَكيُّ العِرْقِ والِدُه                     ولكنْ بِئْسَ ما وَلَدَا
          وحينئذٍ فيستدعي مفْعولَين.
          قال: والرِّوايةُ لما لم يُسمَّ فاعلُه، فرفعتْ أوَّلَ المفعولَين وهو الضَّمير في (يُحوَّلُ) الرَّاجع إلى أُحُدٍ، ونصبَ الثَّاني خَبَراً لها وهُو (ذَهَباً).
          قوله: (مِنْهُ) أي: الذَّهَب.
          وقَوله: (دِيْنارٌ) فاعلُ (يَمْكُثُ)، والجملةُ في محلِّ نصْبٍ، صفةٌ ﻟ (ذَهَباً).
          وقوله: (فَوْقَ ثَلَاثٍ) متعلِّقٌ ﺑ (يَمْكُثُ) أي: زيادةٌ على (ثَلَاثٍ)، وهذا محلُّ المحبَّة المنفيَّة.
          قوله: (إلَّا دِيْناراً) منْصوبٌ على الاسْتثناءِ مِن (دِيْنارٌ)، والعُموم فيه مِن حيثُ شُمولُه للمُرصد للدَّيْن ولغَيْره.
          ولأَبي ذَرٍّ بالرَّفْع على البَدَلِ منْ (دِيْنارٌ) السَّابق.
          قوله: (أُرْصِدَهُ) بضمِّ الهمْزة، وكسر الصَّادِ، من الإرْصَادِ، أي: أُعِدُّهُ، والجمْلةُ في محلِّ نصْبٍ، صِفةٌ ﻟ (دِيْناراً).
          وفي نُسخةٍ بالرَّفْع _وحكاهُما السَّفَاقُسِيُّ وابنُ قُرْقُولٍ(2)_ «أَرْصُدُهُ»، بفَتْح الهمْزة، مِن رَصَدْتُه، أي: رَقَبْتُه.
          قال في «المخْتار»: رَصَدَ الرَّاصِدُ للشَّيْءِ: الرَّاقِبُ لَهُ، وبابُه نَصَرَ، ورَصَدَاً _أَيضاً_ بِفَتْحَتَيْن.
          ثمَّ قالَ(3) في آخرِ العِبارةِ: وَأَرْصَدَهُ لِكَذَا: أَعَدَّهُ لَهُ، وفي الحديث: «إلَّا أنْ أُرْصِدَهُ لِدَيْنٍ». [انتهى](4).
          قوله: (ثُمَّ قَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          قوله: (الأَكْثَرُوْنَ) أي: مالاً.
          وفي نُسخةٍ: «إنَّ الأَكْثَرِيْنَ».
          وقولُه: (الأَقَلُّوْنَ) أي: ثَواباً.
          قوله: (إلَّا مَنْ قَالَ) أي: فَعَلَ، وفيه التَّعبيرُ عنِ الفِعْلِ بالقَوْلِ، نحو قولِهم: قالَ بيَدِه، أي: أَخذَ أو رفع، و: قال برِجْله، أي: مَشى.
          وقوله: (هكَذَا وَهكَذَا) كِنايةً عن صرفِه في وُجوه البِرِّ والخيْر.
          قوله: (وَأَشَارَ أَبو شِهَابٍ) وهو عَبْدُ رَبِّهِ الحنَّاطُ بالحاءِ المهْملة والنُّونِ، المعروفُ بالأَصْغَرِ.
          وفي نسخة: «ابنِ شِهَابٍ»، وهو تحريفٌ.
          أي: أشارَ حين نطقَ بذلك، فأشار بيدِه اليُمنى جهتها وبيده اليُسرى لجهتها.
          قوله: (وَقَلِيْلٌ مَا هُمْ) / جملةٌ اسميَّةٌ، ﻓ (هُمْ) مُبتدأٌ مؤخَّرٌ، (وَقَليْلٌ) خبرُه، و(مَا) زائدةٌ أوْ صفةٌ.
          قوله: (وَقَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم لأبي ذَرٍّ.
          قوله: (مَكَانَكَ) بالنَّصْبِ، أي: الزَم (مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَكَ).
          قوله: (ثُمَّ ذَكَرْتُ): أي: تذكَّرت.
          قوله: (الَّذِي سَمِعْتُ) مُبتدأٌ خبرُه محذوفٌ، تقديرُه: ما هو.
          وقوله: (أَوْ قَالَ...) إلى آخرِه، شكٌّ من الرَّاوي.
          قوله: (قَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم.
          وقوله: (وَهَلْ سَمِعْتَ) استفهامٌ على سبيلِ الاسْتِخْبارِ.
          وقوله: (قُلْتُ: نَعَمْ) أي: سمعتُ.
          قوله: (قُلْتُ: وَإنْ فَعَلَ) ولأبي ذَرٍّ، عنِ المُسْتَمْلِيِّ: «ومَنْ فَعَلَ»، أي: «وإنْ زنى وإنْ سرقَ» كما جاءَ مُصرَّحاً به في بعضِ الرِّواياتِ، وقالَها للنَّبيِّ صلعم ثلاثَ مَرَّاتٍ، والنَّبيُّ صلعم يقول لَه في كلِّ مرَّةٍ: «وإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ».
          وزادَ النَّبيُّ صلعم في الثَّالثة(5): «على رَغْمِ أَنْفِ أبي ذَرٍّ»(6).
          وهذا الحديثُ ذَكَره البُخاريُّ في باب: أداء الدِّيُونِ(7).


[1] شواهد التوضيح لابن مالك ص114_115 ط. الكمال
[2] كذا في الأصل، وفي «م»: قرقور.
[3] أيْ: زينُ الدِّيْن الرَّازيُّ في «مختار الصِّحاح».
[4] ما بين الحاصرتَين منِّي.
[5] مسلم 154/94.
[6] في البخاري من قول أبي ذر [خ¦5827].
[7] في نسختي: الدين.