حاشية على صحيح البخاري

كتاب الحج

          ░░25▒▒ (كتاب الحج).
          قوله: (وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97]): المشهور في إعراب {مَنِ اسْتَطَاعَ} أنَّه بدل من {النَّاسِ} مخصِّص له، وبحث فيه بعضهم بأنَّه يلزم الفصل بين البدل والمبدل منه بالمبتدأ وهو مخلٌّ؛ وقيل: إنَّه فاعل المصدر وردَّه ابن هشام بأنَّ المعنى حينئذٍ: ولله على النَّاس أن يحجَّ المستطيع، فيلزم إثم جميع النَّاس إذا تخلَّف المستطيع، وتعقَّبه البدر في «المصابيح» بأنَّه بناه على أنَّ تعريف النَّاس للاستغراقِ وهو ممنوعٌ لجواز كونه للعهدِ. والمراد هم المستطيعون، وذلك لأنَّ حجَّ البيت مبتدأ خبره قوله: {لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} ، والمبتدأ وإن تأخَّر لفظاً فهو مقدَّم على الخبرِ رتبة، فالتَّقدير: حجُّ المستطيعين البيت حقٌّ ثابتٌ لله على النَّاس؛ أي: على أولئك المستطيعين (1) بل (2) جعل التَّعريف للعهد مقدَّمٌ على جعلهِ للاستغراق، فتعيَّن المصير إليه عند الإمكان، انتهى.
          ثمَّ هذه الآية _وكذا الحديث_ لإفادةِ وجوب الحجِّ أصالةً والفضيلة تبعاً إذ الوجوب مستلزمٌ للفضيلةِ قطعاً، ولذلك أخَّر المصنِّف في التَّرجمة الفضيلة عن الوجوبِ، والله تعالى أعلم.


[1] قوله:((البيت حق ثابت لله على الناس، أي: على أولئك المستطيعين)): ليس في(م).
[2] في(م):((بأن)).