حياة البخاري

ذكر وفاته

          وقال محمَّد بن أبي حاتم الورَّاق: سمعت غالب بن جبريل _وهو الذي نزل عليه البخاري بخَرْتَنك(1)_يقول: إنه أقام أيامًا فمرض حتَّى وجه إليه رسول من أهل سمرقند يلتمسون منه الخروج إليهم، فأجاب وتهيأ للركوب، ولبس خُفَّيه وتعمَّم، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها إلى الدَّابة ليركبها وأنا آخذ بعضده، قال: أرسلوني، فقد ضعفتُ. فأرسلناه فدعا بدعوات ثمَّ اضطجع فقضى، ثمَّ سال منه عرق كثير، وكان قال: كفنوني في ثلاثة أثواب، ليس فيها قميص ولا عمامة، قال: ففعلنا، ولما أدرجناه في أكفانه وصلَّينا عليه، ووضعناه في حفرته فاح من تراب قبره رائحة طيبة كالمسك، ودامت أيَّامًا، وجعل النَّاس يختلفون إلى قبره أيامًا يأخذون من ترابه، إلى أن جعلنا خشبًا مشبَّكًا.
          وكانت وفاته ليلة عيد الفطر سنة ░256هـ▒ ست وخمسين ومائتين.
          وكانت مدة عمره ░62هـ▒ اثنتين وستين سنة إلَّا ثلاثة عشر يومًا، تغمده الله برحمته.


[1] حدَّثني أحد صلحاء بخارى وكان رفيقي في البابور في رحلتي إلى المدينة المنورة عام (1328) أنَّ البلدة التي دفن بها الإمام البخاري المسماة بخَرْتَنْك (بفتح الخاء وسكون الراء وفتح التاء وسكون النون بعدها كاف) تسمى الآن: خاجا آباد، قال: وهي من سمرقند على ثلاث ساعات بسير الخيل. اهـ. جمال الدين القاسمي.