إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: حدث الناس كل جمعة مرة فإن أبيت

          6337- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ(1) بْنِ السَّكَنِ) / بفتح السين(2) المهملة والكاف بعدها نون، ابن حبيبٍ القرشيُّ البزَّار(3) _بالموحدة والمعجمة_ البصريُّ نزيل بغداد قال: (حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ) بفتح‌ الحاء المهملة وتشديد الموحدة (أَبُو حَبِيبٍ) الباهليُّ قال: (حَدَّثَنَا هَارُونُ) بن موسى (المُقْرِئُ) بالهمزة، النَّحوي قال: (حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الخِرِّيتِ) بكسر الخاء المعجمة والراء المشددة بعدها تحتية ساكنة ثمَّ مثناة، البصريُّ (عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاسٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ ، أنَّه (قَالَ) آمرًا أمر إرشادٍ: (حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَبَيْتَ) امتنعتَ (فَمَرَّتَيْنِ) في كلِّ جمعةٍ (فَإِن أَكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مِرَارٍ) ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابنِ عساكر(4) ”مرَّاتٍ“ (وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا القُرْآنَ) بضم الفوقية وكسر الميم وتشديد اللام المفتوحة(5)، من الإملال، وهي السَّآمة، و«النَّاسَ» نصبٌ على المفعوليَّة، وهو كالبيانِ لحكمةِ الأمر بعدمِ الإكثار، و«القرآنَ» مفعولٌ ثانٍ، أو بنزعِ الخافض، أي: لا تملَّهم عن القرآن (وَلَا) بالواو، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي(6) بالفاء. (أُلْفِيَنَّكَ) بضم الهمزة وسكون اللام وكسر الفاء وفتح التحتية وتشديد النون المؤكدة، أي: لا أصادفنَّك ولا أجدنَّك (تَأْتِي القَوْمَ وَهُمْ) أي: والحال أنَّهم (فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ، فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ، فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتُمِلَّـُهُمْ) بضم الفوقية وكسر الميم والرفع، ويجوز النَّصب بتقدير: بأن(7) تملَّهم (وَلَكِنْ أَنْصِتْ) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الصاد، اسكُت مع الإصغاء (فَإِذَا أَمَرُوكَ) التمسوا منك أن تقصَّ عليهم وتحدِّثهم (فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ) والحالُ أنَّهم (يَشْتَهُونَهُ، فَانْظُرِ) بالفاء، ولأبي ذرٍّ: ”وانظر“ (السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ) المتكلَّف المانع من الخشوعِ المطلوب فيه، أو المستكره من السَّجع، أو(8) الاستكثار(9) منه (فَاجْتَنِبْهُ) ولا تشغلْ فكرك به لِما ذكر.
          (فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ) ولفظة «إلَّا» ثابتةٌ في رواية أبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي، كما في الفرع وأصله، فتكون ساقطة عند الكُشميهنيِّ، وحينئذٍ فيكون موافقًا لِمَا عند الإسماعيليِّ: عن القاسم بن زكريِّا عن يحيى بن محمَّدٍ شيخ البخاريِّ بسنده فيه حيث قال: «لا يفعلون ذلك» بإسقاط «إلَّا» وذلك واضحٌ كما لا يخفى، وفسَّره في غير رواية أبي ذرٍّ على وجهِ إثبات لفظ «إلَّا» بقوله: (يَعْنِي: لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الاِجْتِنَابَ) وقوله(10) «يعني» ساقطٌ لأبي ذرٍّ(11). قال في «الإحياء»: المكروهُ من السَّجع هو المتكلَّف لأنَّه لا يُلائم الضَّراعة والذِّلَّة، فإن وقعَ من غير قصدٍ فلا بأس به، وفي الألفاظِ النَّبويَّة كثيرٌ من ذلك‼ كقوله(12): «اللَّهمَّ مُنزل الكتاب، مجريَ السَّحاب، هازمَ الأحزاب» [خ¦2933] وكقوله: «صدقَ وعدَه، وأعزَّ جندَه»، وقوله: «أعوذُ بك من عينٍ لا تدمعُ، ونفسٍ لا تشبعُ، وقلبٍ لا يخشعُ».


[1] قوله: «بن محمد»: ليس في (د).
[2] «السين»: ليست في (ب) و(د) و(ع).
[3] في (ل): «البزَّاز».
[4] قوله: «مرارٍ، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر»: ليس في (د) و(ع).
[5] في (ل): «مفتوحة».
[6] في (د) و(ع): «وفي نسخة». بدل قوله: «ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمستمليِّ».
[7] «بأن»: ليست في (د)، وفي (س): «فأن»، والصواب ما أثبته.
[8] في (ص): «و».
[9] في (د): «الإكثار».
[10] في (د): «فقوله».
[11] الذي في نسخنا من اليونينية أنَّ قوله: «يعني لا يفعلون إلَّا ذلك الاجتنابَ» كلّه ليس في رواية أبي ذرّ . وهو الأقرب.
[12] في (ص): «كقولهم».