إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: رحمة الله على موسى أوذي بأكثر من هذا فصبر

          6291- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) هو لقبُ عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزيُّ (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ) بالمهملة والزاي، محمَّد بن ميمون السُّكريِّ(1) (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان (عَنْ شَقِيقٍ) أبي وائل ابنِ سلمة (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعودٍ ☺ ، أنَّه (قَالَ: قَسَمَ‼ النَّبِيُّ صلعم يَوْمًا قِسْمَةً) هو يوم حنينٍ فآثر ناسًا أعطى(2) الأقرع مئةً من الإبل، وأعطى عُيينة مثل ذلك، وأعطى ناسًا [خ¦3150] / (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) هو: معتبٌ (إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ(3) مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ والمُستملي: ”به“. قال ابن مسعودٍ: (قُلْتُ: أَمَا) بالتَّخفيف، وهي ثابتةٌ للحَمُّويي والمُستملي (وَاللهِ لآتِيَنَّ النَّبِيَّ صلعم ، فَأَتَيْتُهُ وَهْوَ فِي مَلأٍ) من النَّاس (فَسَارَرْتُهُ) بقول الرَّجل (فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ) من شدَّة غضبه لله (ثُمَّ قَالَ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَى مُوسَى) أي: الكليم (أُوذِيَ) بضم الهمزة وكسر الذال المعجمة (بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا) الَّذي أُوذيت (فَصَبَرَ).
          والغرضُ من الحديثِ قوله: فأَتَيتُه وهو في ملإٍ فساررته؛ لأنَّ فيه دَلالةً على أنَّ أصل المنع يرتفع(4) إذا بقي جماعةٌ لا يتأذَّون بالسِّرار. نعم، إذا أذنَ مَن بقيَ ارتفع المنعُ، وظاهرُ الإطلاق أنَّه لا فرقَ في المنعِ بين السَّفر والحضرِ، وهو قولُ الجمهور، وخصَّ ذلك بعضُهم بالسَّفر(5) في الموضع الَّذي لا يأمن فيه الرَّجل على نفسهِ، فأمَّا في الحضرِ والعمارة فلا بأس، وقيل: إنَّ هذا كان في أوَّل الإسلام فلمَّا فشا الإسلامُ، وأمِن النَّاس سقطَ هذا الحكم، والصَّحيح بقاءُ الحُكم والتَّعميم، والله أعلم.


[1] في (د) و(ع): «اليشكريُّ».
[2] في (ب) و(س): «فأعطى».
[3] في (ع): «قسمة».
[4] في (ص): «متوقع».
[5] في (ص): «في السَّفر».