إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يسلم الراكب على الماشي

          6232- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ (مُحَمَّدٌ) ولأبي ذرٍّ: ”محمَّد بن سلامٍ“ بتخفيف اللام على الأصحِّ، قال: (أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ) بفتح الميم وسكون المعجمة وفتح اللام، ابن يزيد الحرَّانيُّ قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيزِ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (زِيَادٌ) بكسر الزاي وتخفيف التحتية، ابن سعدٍ الخُراسانيُّ ثمَّ المكِّيُّ (أَنَّهُ سَمِعَ ثَابِتًا) هو ابنُ عياضٍ، الأحنف الأعرج العدويَّ (مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ) أي ابن الخطَّاب، أخي(1) عمر بن الخطَّاب، وليس لثابتٍ في «البخاريِّ» غير هذا الحديث، وآخر في «المصراة» من «كتاب البيوع» [خ¦2151] (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ / يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : يُسَلِّمُ) أي: ليسلِّم (الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي) قال في «شرح المشكاة»: وإنَّما استُحِبَّ ابتداء السَّلام للرَّاكب؛ لأنَّ وضع السَّلام إنَّما هو لحكمةِ إزالة(2) الخوف من الملتقيين إذا التقيا، أو من أحدهما في الغالبِ، أو لمعنى التَّواضع المناسب لحالِ المؤمن، أو للتَّعظيم؛ لأنَّ السَّلام إنَّما يُقصد به أحد أمرين: إمَّا اكتساب ودٍّ، أو استدفاعُ مكروهٍ، قاله الماورديُّ. وقال ابن بطَّالٍ: تسليمُ الرَّاكب؛ لئلَّا يتكبَّر بركوبهِ فيرجع إلى التَّواضع، وقال المازريُّ(3): لأنَّ للرَّاكب مزيَّةً(4) على الماشي، فعوِّض الماشي بأن(5) يبدأهُ الرَّاكب احتياطًا على الرَّاكب من الزَّهو (وَالمَاشِي) يسلِّم (عَلَى القَاعِدِ) للإيذان بالسَّلامة وإزالة الخوف (وَالقَلِيلُ) كالواحدِ يسلِّم (عَلَى الكَثِيرِ) كاثنين(6) فأكثر على ما سبقَ في الباب قبلَه [خ¦6231] لفضيلةِ الجماعة، ولأنَّ الجماعةَ لو ابتدؤوا الواحد لزها(7) فاحتيط له، ولم يذكر في الرِّواية المذكورة في الباب السَّابق [خ¦6231] تسليم الرَّاكب على الماشي، ولا في رواية هذا الباب الصَّغير على الكبير، كما ذكرها في رواية همَّامٍ، فكأنَّ كلًّا منهما حفظَ ما لم يحفظه الآخرُ، واشتملَ الحديثان على أربعةٍ اجتمعتْ في رواية الحسن عن أبي هُريرة، فيما رواه التِّرمذيُّ، قاله في «الفتح».
          والحديثُ أخرجه مسلمٌ في «الأدب».


[1] في (د): «أخو».
[2] في (د): «لحكمة في إزالة».
[3] في (ص) و(ل): «الأزديُّ».
[4] في (ص): «الرَّاكب يزيد».
[5] في (ع): «أنَّ».
[6] في (س): «كالاثنين».
[7] في (د) و(ع): «لخيف على الواحد الزهو».