إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد

          6231- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ) المروزيُّ المجاور بمكَّة، وسقط «أبو الحسن» لأبي ذرٍّ، قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) بسكون العين المهملة، ابن راشدٍ (عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ) بكسر الموحدة المشدّدة (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ) بلفظ الخبر، ومعناه الأمرُ، كما(1) عند أحمد من طريق عبد الرَّزَّاق، عن معمرٍ: «لِيُسَلِّم» بلامِ الأمر (عَلَى الكَبِيرِ) ندبًا للتَّوقير والتَّعظيم (وَ) يسلِّم (المَارُّ عَلَى القَاعِدِ) بكلِّ حالٍ سواءٌ كان صغيرًا أو كبيرًا، قليلًا أو كثيرًا، قاله النَّوويُّ (وَ) يسلِّم (القَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ) وهو من باب التَّواضع؛ لأنَّ حقَّ الكثير أعظم.
          فإن قلت: المناسبُ أن يسلِّم الكثيرُ على القليل؛ لأنَّ الغالب أنَّ(2) القليلَ يخاف من الكثير. أجاب في «الكواكب»: بأنَّ الغالب في المسلمين أمن بعضهم من بعضٍ، فلُوحِظَ جانب التَّواضع الَّذي هو لازم السَّلام، وحيث لم يظهرْ رجحان أحد الطَّرفين باستحقاقِ التَّواضع له اعتُبر الإعلام بالسَّلامة(3)، والدُّعاء له رجوعًا إلى ما هو الأصل من الكلامِ ومقتضى اللَّفظ. انتهى.
          وقال الماورديُّ من الشَّافعيَّة: لو دخلَ شخصٌ مجلسًا، فإن كان الجمع قليلًا يعمُّهم بسلامٍ واحد فسلَّم كفَاه، فإن زاد فخصَّص(4) بعضهم فلا بأس، وإن كانوا كثيرًا بحيث لا ينتشرُ فيهم، فيبتدئ أوَّل دخولهِ إذا شاهدهُم، وتتأدَّى سنَّة السَّلام في حقِّ جميع مَن سمعه، وإذا جلسَ سقطَ عنه سنَّة السَّلام فيمن لم يسمعْه من الباقين، وهل يستحبُّ أن يسلِّم على مَن جلس عندهم ممَّن لم يسمعْه؟ وجهان أحدُهما: لا لأنَّهم جمعٌ واحدٌ. والثَّاني: نعم.
          والحديثُ أخرجه التِّرمذيُّ في «الاستئذان».


[1] «كما»: ليست في (د) و(ص)، وفي (د) و(ع): «و».
[2] «أنَّ»: ليست في (ص) و(ع).
[3] في (ع): «بالسَّلام».
[4] في (ع): «تخصُّص».