إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عبد الله بن زيد: أنه أبصر النبي يضطجع

          5969- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ) نسبةً إلى جدِّه وإلَّا فاسم أبيه: عبد الله الكوفيُّ (قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) بسكون العين، ابن إبراهيم بنِ عبد الرَّحمن بنِ عوف قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريُّ (عَنْ عَبَّادِ / بْنِ تَمِيمٍ) المازنيِّ الأنصاريِّ المدنيِّ (عَنْ عَمِّهِ) عبد الله بنِ زيدٍ الأنصاريِّ: (أَنَّهُ أَبْصَرَ النَّبِيَّ صلعم يَضْطَجِعُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”مضطجعًا“ (فِي المَسْجِدِ رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى) زاد الإسماعيليُّ في آخر الحديث: ”وإنَّ أبا بكر كان يفعلُ ذلك وعمر وعثمان“ وتمسَّك بذلك جماعةٌ، وخالفهم آخرون فقالوا: بالكراهةِ محتجِّين بحديث جابرٍ عند مسلم «أنَّ النَّبيَّ صلعم نهى عن اشتمالِ الصَّمَّاء، والاحتباءِ في ثوبٍ واحدٍ، وأن يرفعَ الرَّجل إحدى رجليهِ على الأُخرى، وهو مستلقٍ على قفاه».
          وأُجيب بأنَّه منسوخٌ بفعلهِ صلعم وفعلِ الخلفاء الثَّلاثة، ولا يجوزُ أن يخفى عليهم النَّسخ، ودَلالة الاستلقاء المترجم لها(1) من الحديثِ من جهةِ أنَّ رفعَ إحدى الرِّجلين على الأُخرى لا يتأتَّى إلَّا عند‼ الاستلقاء، وسيكون لنا عودةٌ إن شاء الله تعالى بعون الله وقوَّته إلى مباحث هذا الحديث في «الاستئذانِ» [خ¦6287].
          وأمَّا وجه دخول هذه التَّرجمة في «اللِّباس» فمن حيث إنَّ الَّذي يفعلُ الاستلقاءَ لا يأمنُ الانكشافَ(2)، لا سيَّما والاستلقاءُ يستدعِي النَّوم، والنَّائمُ لا يتحفَّظ، فكأنَّه أشارَ إلى أنَّ من فعلَ ذلك ينبغِي له أن يتحفَّظ لئلا ينكشفَ، كذا(3) قاله في «الفتح» وفي الكِرمانيِّ نحوه.
          وهذا الحديثُ مرَّ في «باب الاستلقاء في المسجد» من «كتاب الصَّلاة» [خ¦475]، وأخرجهُ مسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، والله الموفِّق(4).
          وهذا آخر «كتاب اللِّباس». /


[1] في (س): «له».
[2] في (م) زيادة: «و».
[3] «كذا»: ليست في (م) و(د).
[4] جاء في نسخة (ج) هنا: تمَّ هذا الجزء المبارك بعون الله وقوَّته على يد أفقر العباد وأحوجهم إلى الله حسين بن خفاجي السلموني بلدًا الأزهري والمسؤول من فضله، تمام الكتاب بعون الله وقوته، وحسبنا الله ونعم الوكيل. ويليه كتاب الأدب وكتب على الهامش هنا: «بلغ 3 الحجة 1106». وجاء في (م): هاهنا ما نصه: وهذا آخر «كتاب اللِّباس» من «شرح البخاري» للعلامة القسطلاني رحمه الله رحمة واسعة بمنِّه وكرمه آمين آمين، وقد وقعَ الفراغُ من تكملةِ هذا الجزء الشَّريف الذي هو الجزءُ الخامس في ضحوة نهار يوم الخميس لخمسٍ بقينَ من شهر ذي الحجة الشَّريفة، خاتمة شهورِ سنة ست وأربعين ومئة وألف على يد كاتبهِ لنفسه، ولمن شاء الله بعد حلول رمسه العبد الضَّعيف المذنب المخطئ راجِي عفو الله وغفرانه يحيى بن عبد الرحمن بن تاج الدين التَّاجي البعلي الحنفي، خادم العلم الشَّريف بمدينة بعلبك المحروسة، غفر الله ذنوبه، وستر عيوبه، بمحمَّد النَّبي الأمين، وأصحابه الأكرمين صلى الله عليه وعليهم وسلم تسليمًا كثيرًا آمين آمين.