إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبةً

          5953- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى) بن إسماعيل المِنْقَريُّ _بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف_ أبو سلَمة التَّبُوذَكيُّ _بفتح التاء وضم الموحدة وسكون الواو وفتح المعجمة_ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ) بن زياد قال: (حَدَّثَنَا عُمَارَةُ) بضم العين، ابن القعقاع قال: (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ) هَرِمُ ابنُ عَمرو (قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (دَارًا بِالمَدِينَةِ) لمروان بن الحكم كما في «مسلم» (فَرَأَى في أَعْلَاهَا) أي: في سقف الدَّار رجلًا (مُصَوِّرًا) بكسر الواو المشددة (يُصَوِّرُ) بلفظ المضارع (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ) أي: قال الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ)‼ أي: قصد (يَخْلُقُ كَخَلْقِي) أي: فعل الصُّورة وحدها لا من كلِّ الوجوه؛ إذ لا قدرةَ لأحدٍ على خلقٍ مثلَ خلقه تعالى، فالتَّشبيه في الصُّورة وحدها، وظاهرهُ يتناول ما له ظلٌّ وما ليس له ظلٌّ، فلذا أنكرَ أبو هريرة ☺ ما نُقِش في سقف الدَّار (فَلْيَخْلُقُوا) فليوجدوا (حَبَّةً) من قمحٍ، زاد ابنُ فضل(1): «وليخلقوا شعيرة» [خ¦7559] وهو قرينة تدلُّ على أنَّ المراد هنا حبَّةٌ من قمح (وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً) بفتح المعجمة وتشديد الراء، نملة، والمراد تعجيزهم تارةً بتكليفهم خلق حيوان وهو أشدُّ، وتارةً بتكليفِهم خلق جمادٍ وهو أهون، ومع ذلك لا قدرةَ لهم عليه (ثُمَّ دَعَا) أي: طلب أبو هريرة (بِتَوْرٍ) بموحدة مكسورة فمثناة فوقية مفتوحة وبعد الواو الساكنة راء، إناءٌ كطَسْتٍ (مِنْ مَاءٍ) فيه ماء فتوضَّأ منه (فَغَسَلَ يَدَيْهِ) بالتَّثنية (حَتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ) بالإفراد، زاد الإسماعيليُّ: «وغسل رجليهِ حتَّى بلغ ركبتيه» قال أبو زرعة: (فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أ) تبليغ(2) الماء إلى الإبط (شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ؟ قَالَ) أبو هريرة: التَّبليغ إلى الإبط (مُنْتَهَى الحِلْيَةِ) في الجنَّة، والحلية التَّحجيل من أثر الوضوء، أو من التَّحلية المذكورة في قوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ}[الكهف:31].


[1] في (م): «فضيل»، وكذا في صحيح البخاري.
[2] في (م): «تبلغ».