إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لعن عبد الله الواشمات والمتنمصات

          5939- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بن رَاهُوْيَه قال: (أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ) هو ابنُ عبد الحميد (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابنُ المعتمر (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) هو النَّخعيُّ (عَنْ عَلْقَمَةَ) بن قيس النَّخعيِّ، أنَّه (قَالَ: لَعَنَ عَبْدُ اللهِ) بن مسعود ☺ النِّساء (الوَاشِمَاتِ) اللَّاتي يشمْنَ أنفسهنَّ أو غيرهنَّ (وَ) النِّساء (المُتَنَمِّصَاتِ) اللَّاتي يطلبنَ ذلك ويفعل بهنَّ، وقيل: إنَّ النِّماص مختصٌّ بإزالةِ شعرِ الحاجبين ليرقِّقَهما(1) أو ليسويهما. قال أبو داود في «السنن»: النَّامصة الَّتي تنمصُ(2) الحاجب حتَّى تُرِقَّه. فلو كانت مقرونةَ الحواجبِ فأزالتْ ما بينهما تُوهِمُ البَلَجَ أو عكْسَه. قال الطَّبريُّ: لا يجوز. وقال النَّوويُّ: يُستثنى من النِّماص ما إذا نبت للمرأةِ لحيةٌ أو شاربٌ أو عنفقةٌ فلا يحرم إزالتُها بل يستحبُّ. انتهى. لكن قيَّده بعضُهم بما(3) إذا كان بعلم الزَّوج وإذنهِ، فمتى خلا عن ذلك مُنِع للتَّدليس. وقال بعضُ الحنابلةِ: يجوز الحفُّ والتَّحمير والنَّقش والتَّطريف إذا كان بعلم(4) الزَّوج؛ لأنَّه من الزِّينة.
          (وَ) لعن ابنُ مسعودٍ أيضًا النساء (المُتَفَلِّجَاتِ) اللَّاتي يطلبنَ تفريقَ(5) ما بين الأسنان من الثَّنايا والرَّباعيَّات يفعل ذلك بهنَّ (لِلْحُسْنِ) أي: لأجل الحسن (المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ. فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ) وهي من بني أسد بن خُزيمة ولا يعرف اسمها (مَا هَذَا؟) ولمسلم «فبلغ ذلك امرأةً من بني أسدٍ يقال لها: أمُّ يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديثٌ بلغني أنَّك لعنت الواشمات...» إلى آخره، (قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن مسعود: (وَمَا لِيَ لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ) صلعم (وَفِي كِتَابِ اللهِ) تعالى لعنه (قَالَتْ) أمُّ يعقوب: (وَاللهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ(6)) تريد الدَّفَّتين، وفي «مسلم» عن عثمان «ما بين لوحَي المصحف»، وكانوا يكتبون المصحفَ في رَقٍّ(7)، ويجعلون له دفَّتين من خشب (فَمَا وَجَدْتُهُ) أي: ما وجدتُ لعن المذكورات (قَالَ) عبد الله: (وَاللهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ) اللام في «لئن» موطئة للقسم، والثَّانية لجواب القسم الَّذي سدَّ مسدَّ جواب الشَّرط، والياء التحتية في «قرأتيهِ» و«وجدتيهٍ»(8) تولدتْ من إشباعِ كسرة التاء الفوقية، أي: لو قرأتيه بالتدبُّر والتَّأمُّل عرفتيه من(9) قوله ╡: ({وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}) إذ فيه أنَّ من لعنهُ النَّبيُّ صلعم فالعنوه ({وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر:7]) وقد نهى صلعم عن ذلك ففاعلُه ظالمٌ، وقد قال تعالى: {أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود:18].
          وهذا الحديثُ سبق في «باب(10) المتفلِّجات للحُسن» [خ¦5931].


[1] في (د) و(م): «ليزينهما».
[2] في (د) و(م): «تنقش»، كذا في «الفتح» وسنن أبي داود.
[3] «بما»: ليست في (د).
[4] في (م): «يعلم».
[5] في (ل): «تفريج».
[6] في (م): «اللوحتين».
[7] في (د) و(م): «ورق».
[8] «ووجدتيه»: ليست في (د) و(ص) و(م).
[9] في (د) و(ص) و(م): «والتأمل عرفت أن».
[10] في (د): «سبق أول».