إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن مسعود: لعن الله الواشمات والمستوشمات

          5931- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ) أي: ابنُ أبي شيبة قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) أي: ابنُ عبد الحميد (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابنُ المعتمر (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ عَلْقَمَةَ) بنِ قيس (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بنِ مسعود ☺ ، ولأبي ذرٍّ: ”وقال عبدُ الله“: (لَعَنَ اللهُ) النِّساء (الوَاشِمَاتِ) جمع واشمة، من الوشم _بالشين المعجمة_، وهو أن تُغْرَزَ إبرةٌ أو نحوها في البدنِ حتَّى يسيل الدَّم ثمَّ يُحْشَى بالكحلِ أو النُّورة فيخضر (وَالمُسْتَوْشِمَاتِ) بكسر الشين المعجمة جمع مُسْتَوشمة، وهي الَّتي تطلب أنْ يفعلَ بها ذلك، وهو حرامٌ على الفاعلةِ والمفعول بها بدَلالة اللَّعن عليه، والموضعُ الَّذي وشم يصيرُ نجسًا لانحباسِ الدَّم فيه فإن أمكنَ إزالتُه بالعلاج وجبتْ، وإن لم يمكن إلَّا بالجرحِ، فإن خافتْ(1) منه التَّلف أو فواتَ‼ عضوٍ، أو منفعةٍ، أو شينًا فاحشًا في عضوٍ ظاهر لم تجب، وتكفِي التَّوبة في سقوط الإثم، وإن لم يخف شيئًا من ذلك لزمَه إزالتُه وعصى بتأخيرهِ (وَالمُتَنَمِّصَاتِ) بضم الميم وفتح الفوقية والنون وتشديد الميم المكسورة وفتح الصاد المهملة وبعد الألف فوقية، جمع: متنمِّصة، وهي الَّتي تنتف الشَّعر من وجهها (وَالمُتَفَلِّجَاتِ) جمع: متفلِّجة الِّتي تتكلَّف أن تفرق بين سنِّها من الثَّنايا والرَّباعية(2) (لِلْحُسْنِ) اللام للتَّعليل، والتَّنازع فيه بين الأفعال المذكورة، والأظهر تعلُّقه بالأخير. ومفهومه أنَّ المفعول لطلب الحُسِن هو الحرامُ، فلو احتيج إليه لعلاجٍ أو عيبٍ في السِّنِّ ونحوه فلا بأس به، والتَّعليل للَّعن(3). وقوله: (المُغَيِّرَاتِ) بكسر التحتية المشددة والغين المعجمة (خَلْقَ اللهِ تَعَالَى) صفةٌ لازمةٌ لمن فعلَ الثَّلاثة المذكورة، وهو كالتَّعليل لوجوبِ اللَّعن المستدل به على الحرمةِ، وفي «باب المتنمِّصات» الآتي بعد باب _إن شاء الله تعالى_ [خ¦5939] فقالتْ أمُّ يعقوب: ما هذا؟ فقال عبد الله: (مَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ صلعم ) «ما» استفهاميَّة، واستُبْعد قول الكِرمانيِّ: أو نافية (وَهْوَ) ملعون (فِي كِتَابِ اللهِ) ╡ في قوله تعالى في سورة الحشر: ({وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}[الحشر:7]) زاد في البابِ المذكور [خ¦5939] {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} أي: مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكُم عنه فاجتنبوه. /
          وفي الحديث إشارةٌ إلى أنَّ لعنَ رسول الله صلعم الواشمات... إلى آخره كلعنِ الله تعالى فيجبُ أن يؤخذَ به.
          ورواة الحديث إلى الصَّحابي كوفيون. وسبقَ في تفسير «سورة الحشر» [خ¦4886].


[1] في (ب) و(س): «خاف».
[2] في (ب) و(س): «الرباعيات».
[3] في (د) و(م): «باللعن».