إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان النبي يحب التيمن في طهوره وترجله وتنعله

          5854- وبه قال: (حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ) الأنماطيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ) بالشين المعجمة الساكنة بعد الهمزة المفتوحة وبعد العين المهملة مثلثة، قال: (سَمِعْتُ أَبِي) سُليمًا(1) _بضم المهملة مصغَّرًا_ الأزديَّ المحاربيَّ (يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ) هو ابنُ الأجدع (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ) بضم الطاء، والمراد التَّطهير، ولأبي ذرٍّ بفتحها‼، وهو ما يُتطهَّر به كالماء (وَتَرَجُّلِهِ) أي: تسريح شعرهِ (وَتَنَعُّلِهِ) أي: لبسه النَّعل، زاد في رواية «وفي شأنه كلِّه» [خ¦168] قال النَّوويُّ: وهذه قاعدةٌ مستمرِّةٌ في الشَّرع، وهي أنَّ ما كان من باب التَّكريم والتَّشريف فيستحبُّ باليمينِ(2)، وما كان بضدِّ ذلك فيستحبُّ فيه التَّياسر، وذلك لكرامةِ اليمين وشرفها.
          وقال في «شرح المشكاة»: قوله: «في طهورهِ وترجُّله وتنعُّله» بدل من قوله: «في شأنه» بإعادة العامل، ولعلَّه صلعم إنَّما بدأَ بذكر الطُّهور لأنَّه فتح لأبواب الطَّاعات كلِّها، فبذكره يُستغنى عنها، وثنَّى بذكر التَّرجُّل وهو متعلِّقٌ بالرَّأس وثلَّث بالتَّنعُّل وهو مختصٌّ بالرِّجل؛ ليشمل جميعَ الأعضاء والجوارح، فيكون كبدل الكلِّ من الكلِّ. انتهى.
          ولم يقل: وتطهرهِ، كما قال: «في تنعُّله وترجُّله» لأنَّه أراد الطُّهور الخاصَّ المتعلِّق بالعبادة، ولو قال: وتطهُّره كما قال: «في تنعُّله وترجُّله» لدخل فيه إزالة النَّجاسة وسائر النَّظافات، بخلاف الأولين فإنَّهما خاصَّان بما وُضِعا له من لُبْس النَّعل وترجيل الرَّأس.
          والحديث سبق في «باب التَّيمُّن والغسل» [خ¦426].


[1] في (د): «سليم».
[2] في (م): «فيه اليمين»، وفي (ص) هنا والموضع التالي «باليمنى».