إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته

          477- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمَّد بن خازمٍ(1) الضَّرير (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مهران (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: صَلَاةُ الجَمِيعِ) بياءٍ بعد الميم المكسورة، وفي روايةٍ: ”صلاة الجماعة“ (تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ) أي: الشَّخص المنفرد (فِي بَيْتِهِ، وَ) على (صَلَاتِهِ) بانفراده (فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) نُصِب على التَّمييز، و«خمسًا»: مفعول «تزيد» نحو قولك: زدت عليه خمسًا، وسرُّ الأعداد لا يُوقَف عليه إِلَّا بنور النُّبوَّة، وسيأتي _إن شاء الله تعالى_ وجه المُناسَبة في التَّخصيص بعدد الخمس والعشرين في «باب فضل الجماعة» [خ¦647] مع مباحث أخرى (فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ) الوضوء بإسباغه ورعاية سُننه وآدابه، وأسقط المفعول لدلالة السِّياق عليه. نعم ألحق في الفرع لا في أصله: ”وضوءه“ بعد «فأحسن»، ويشبه أن يكون بغير خطِّ كاتب الأصل‼، وللكُشْمِيْهَنِيِّ في(2) غير «اليونينيَّة»: ”بأنَّ أحدكم“ بالمُوحَّدة بدل «الفاء» للسَّببيَّة أو للمُصاحَبة، أي: تزيد(3) بخمسٍ وعشرين درجةً، مع فضائلَ أخرى هي رفع الدَّرجات، وصلاة الملائكة ونحوهما (وَأَتَى المَسْجِدَ) حال كونه (لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ) أو ما في معناها كالاعتكافِ ونحوه، واقتصر على الصَّلاة للأغلبيَّة (لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً) بفتح الخاء (إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً) سقط لفظ الجلالة(4) للأَصيليِّ (وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً) نُصِبَ فيهما على التَّمييز، وللأَصيليِّ: ”وحطّ عنه بها“ وله وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”أو حطَّ“ والواو أشمل (حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ) فالمشيُ إلى الجماعة يستلزم احتساب الأجْر بالخطوات، والتَّنصُّل عن الخطيئات، ومن توقَّى(5) عن دركات الهلكات(6) فقد ترقَّى إلى منجاة(7) الدَّرجات (وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ فِي) ثواب (صَلَاةٍ مَا كَانَتْ) بتاء التَّأنيث، ولأبي ذَرٍّ: ”ما كان“ (تَحْبِسُهُ) الصَّلاة، أي: مدَّة دوام ذلك، وحُذِف الفاعل للعلم به (وَتُصَلِّي _يَعْنِي: عَلَيْهِ_ المَلَائِكَةُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ) أي: تستغفر وتطلب له الرَّحمة قائلين: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ) وسقط عند أبوَي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ وابن عساكر لفظ «يعني»، ولفظ(8): «عليه» عند ابن عساكر في نسخةٍ، وثبت عنه في أخرى ”مَا لَمْ يؤذِ“ المصلِّي الملائكة (مالم يُحْدِثْ) من الإحداث بكسر الهمزة، و(9) بضمِّ أوَّل المضارعين مجزومين، واللَّاحق بدلٌ من سابقه، ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر في نسخةٍ وأبي الوقت: ”يحدثُ“ بالرَّفع على الاستئناف، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ما لم يؤذِ بحدثٍ فيه“ بلفظ الجارِّ والمجرور متعلِّقٌ بـ «يؤذ»، وفي نسخةٍ: ”ما لم يحدث فيه“ بإسقاط ”يؤذِ“ أي: ما لم يأتِ بناقضٍ للوضوء.
          ورواة هذا الحديث ما بين بصريٍّ ومدنيٍّ وكوفيٍّ، وفيه: التَّحديث والعنعنة، ورواية تابعيٍّ عن تابعيٍّ، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «باب الجماعة» [خ¦647]، ومسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ وابن ماجه في «الصَّلاة».


[1] في (د) و(س): «حازم»، وهو تصحيفٌ.
[2] في (م): «من».
[3] في (ب) و (ص): «يريد».
[4] في (د): «سقطت الجلالة».
[5] في (د): «يُوقَّى».
[6] في (د): «المهلكات».
[7] في (ص): «منجيات».
[8] زيد في (ص) و(م): «و».
[9] «و»: مثبتٌ من (ب) و(س).