إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نهانا النبي أن نشرب في آنية الذهب والفضة

          5837- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ) هو ابنُ المدينيِّ قال: (حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ) بفتح الجيم وكسر الراء الأولى، قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) جرير بنُ حازم (قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ) بفتح النون وكسر الجيم، يسار (عَنْ مُجَاهِدٍ) هو ابنُ جبر (عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى) عبد الرَّحمن (عَنْ حُذَيْفَةَ) ابن اليمان ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: نَهَانَا النَّبِيُّ صلعم ) نهي تحريمٍ (أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَ) نهانا النَّبيُّ صلعم أيضًا (عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ) أعجميٌّ معرَّب، وهو ما غلظَ من ثياب الحرير (وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ) وقوله: و«أن نجلسَ / عليه» زيادة لم يروها الشَّيخان إلَّا في هذه الرِّواية، وتمسَّك بها من قال بمنعِ الجلوس على الحرير. نعم، يحلُّ الجلوس على الحريرِ بحائلٍ، كما في «الروضة» وغيرها. قال الأذرعيُّ: وصوَّره بعضُهم بما إذا اتَّفق في دعوةٍ ونحوها، أمَّا إذا اتَّخذ له حصيرًا من حريرٍ فالوجهُ التَّحريم، وإن بسطَ فوقها شيئًا لما فيه من السَّرف واستعمال الحريرِ لا محالةَ. انتهى.
          والأوجَه أنَّه لا فرقَ كما اقتضاهُ كلامُ الأصحاب، والتَّقييد في الحديث بما ذكر من اللُّبس والجلوس جرى على الغالبِ، فيحرم غيرهما من أنواعِ الاستعمال كسترٍ وتدثُّرٍ؛ لحديث أبي داود بإسنادٍ صحيحٍ أنَّه صلعم أخذَ في يمينهِ قطعة حريرٍ، وفي شماله قطعة ذهبٍ، وقال: «هذان حرامٌ على ذكورِ أمَّتي حِلٌّ لإناثهم». وأُلحِقَ بالذُّكور الخناثى احتياطًا، واستُدِلَّ بحديث الباب على منع النِّساء افتراشَ الحرير وهو ضعيفٌ؛ لأنَّ خطاب الذُّكور لا يتناولُ المؤنَّث على الرَّاجح.
          وهذا الحديث سبق في «الأطعمة» [خ¦5426] و«الأشربة» [خ¦5632] و«اللِّباس» [خ¦5831].