إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى يذوق عسيلتك

          5792- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بنُ نافع قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابنِ شهابٍ، أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ ♦ زَوْجَ النَّبِيِّ صلعم قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ القُرَظِيِّ رَسُولَ اللهِ صلعم ) بالقاف المضمومة وفتح الراء والمعجمة المشالة، وهو رفاعةُ بن سِمْوال _بكسر السين المهملة_، وقيل: رفاعة بن رفاعة خال صفيَّة أمِّ المؤمنين ♦ واسم امرأتهِ تميمةُ بنت وهب، وقيل: غير ذلك ممَّا سبق [خ¦2639] (وَأَنَا جَالِسَةٌ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق ☺ ، جملةٌ حاليَّة (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي) بمثناة فوقيةٍ مشدَّدة، أي: طلَّقني ثلاثًا، ويحتملُ أن يكون في دفعةٍ، وأن يكون في دفعاتٍ(1) أي: أكمل الثَّلاث، والبتُّ القطع، فهو قاطعٌ للوصلةِ بين الزَّوجين (فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ) بفتح الزاي وبعد الموحدة المكسورة ياء تحتية ساكنة آخره راء مهملة (وَإِنَّهُ وَاللهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الهُدْبَةِ) سقطت لفظة «هذه» لأبي ذرٍّ (وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِهَا) بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف. قال النَّضر: هو ثوبٌ أقصرُ من الخمار، وأعرض منه وهو المِقْنَعَة (فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ) هو ابنُ العاص بن أميَّة بن عبد شمس الأمويُّ أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، واستُشهِد في آخر خلافة أبي بكر (قَوْلَهَا): ما معه يا رسول الله إلَّا مثل هذه الهدبة (وَهْوَ بِالبَابِ) الشَّريف(2) النَّبويِّ (لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ) في الدُّخول (قَالَتْ) عائشة ♦ : (فَقَالَ خَالِدٌ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَنْهَى هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَلَا وَاللهِ مَا يَزِيدُ رَسُولُ اللهِ صلعم عَلَى التَّبَسُّمِ) وهو دون الضَّحك (فَقَالَ لَهَا(3) رَسُولُ اللهِ صلعم : لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي) أي: الرُّجوع (إِلَى) زوجك الأوَّل (رِفَاعَةَ؟) استفهام توبيخ (لَا) يجوزُ لك الرُّجوع إليه (حَتَّى يَذُوقَ) عبد الرَّحمن بن الزَّبير (عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ) كنايةٌ عن الجماع، فشبَّه لذَّته بلذَّة العسل وحلاوته، وقد روي عن عائشة مرفوعًا: «العُسيلة هي الجماع» وإنَّما صُغِّرَ إشارةً إلى أنَّ القدر القليل يحصل به الحلُّ. قال الزُّهريُّ: (فَصَارَ) ما ذكر في هذه القصَّة (سُنَّةً)‼ أي: شريعةً (بَعْدُ) بالبناء على الضَّمِّ، فلا تحلُّ المطلَّقة ثلاثًا للَّذي طلَّقها إلَّا بعد جماع زوجٍ آخر، وقوله: فصار، قال في «الفتح»: هو من قول الزُّهريِّ فيما أحسب. ومفهومُ قول صاحب «العدَّة في شرح العمدة» أنَّه من قول عائشة حيثُ قال عقب(4) فصار سنَّةً: إذا قال الصَّحابيُّ: من السُّنَّة، حُمِل عند الجمهور من الأصوليِّين والمحدِّثين على رفعهِ إلى النَّبيِّ صلعم ، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”بعده“ بالضَّمير.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: «مثل هذه الهُدبة».
          وهذا الحديث سبقَ في «باب من أجاز الطَّلاق الثَّلاث» من «كتاب الطَّلاق» [خ¦5260].


[1] في (د): «ويحتمل أن يكون في دفعات».
[2] في (م): «الشريفة».
[3] «لها»: ليست في (د).
[4] في (د): «عقبه».