إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار

          5787- وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ) بنُ أبي إياسٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ) من الرَّجل (مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ) و«ما» موصولةٌ في محلِّ رفع على أنَّها مبتدأ، و«في النَّار» الخبر، و«أسفلُ» خبر مبتدأ محذوفٍ وهو العائد على الموصول، أي: ما هو أسفل، وحذف العائد لطول الصِّلة، أو المحذوف كان، و«أسفلَ» نصبٌ، خبر لكان، و«من» الأولى لابتداءِ الغاية، والثَّانية لبيان الجنس، والمراد _كما قاله الخطَّابيُّ_: إنَّ الموضع الَّذي يناله الإزارُ من أسفل الكعبين في النَّار، فكنَّى بالثَّوب عن لابسه، والمعنى إنَّ الَّذي دون الكعبين من القدمِ يُعذَّب عقوبة، فهو من تسميةِ الشَّيء باسم ما جاورهُ أو حلَّ فيه، فمن(1) بيانيَّة، أو المراد الشَّخص نفسه فتكون سببيَّة، لكن في حديث ابنِ عمر عند الطَّبراني قال: رآني النَّبيُّ صلعم أسبلتُ إزاري، فقال: «يا ابن عمر كلُّ شيء يمسُّ(2) الأرض من الثِّياب في النَّار» وحينئذٍ فلا مانع من حملِ حديث الباب على ظاهره، فيكون من وادي {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء:98] وهذا الإطلاقُ محمولٌ على ما ورد من قيد(3) الخُيلاء، وقد نصَّ الشَّافعيُّ ☼ على أنَّ التَّحريم مخصوصٌ بالخيلاء، فإن لم يكن للخُيلاء كره للتَّنزيه. وقال في «فتح الباري»: قوله: في النَّار، وقع في رواية النَّسائيِّ من طريق أبي يعقوب _وهو عبد الرَّحمن بن يعقوب_ سمعتُ أبا هريرة‼ يقول: قال رسولُ الله صلعم : «ما تحتَ الكعبين من الإزار ففي النَّار» بزيادة فاء. قال: وكأنَّها دخلت لتضمين(4) ما معنى الشرط، أي: ما دون الكعبين من قدمِ صاحب الإزارِ المسبل فهو في النَّار عقوبةً له. انتهى.
          قلت: في فرع «اليونينيَّة» الأصل المعتمدُ من أصول «صحيح البخاري»: ”ففي“ بزيادة الفاء، وفي الهامش «في» بغير فاء مرقومٌ عليها علامة أبي ذرٍّ، فالله أعلم.


[1] في (د): «ومن».
[2] هكذا في (د)، وهو الموافق لما في الطبراني (12/387)، وفي غيرها: «لمس».
[3] في (د): «قيل».
[4] في (د): «لتصير».