إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي بكرة: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله

          5785- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سلام البِيْكَنديُّ، أو هو ابن المثنَّى قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى) السَّامي _بالسِّين المهملة_ البصريُّ _بالموحدة_ (عَنْ يُونُسَ) بن عبيد(1)، أحد أئمَّة البصرة (عَنِ الحَسَنِ) البصريِّ (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) نُفيع بن الحارث الثَّقفيِّ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ) بفتح الخاء المعجمة والمهملة (وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم فَقَامَ) حال كونه (يَجُرُّ ثَوْبَهُ) حال كونه (مُسْتَعْجِلًا حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، وَثَابَ النَّاسُ) بالمثلثة والموحدة، رجعوا إلى المسجد بعد أن خرجوا منه (فَصَلَّى) بهم (رَكْعَتَيْنِ) وزاد النَّسائيُّ: «كما تصلُّون». وحمله البيهقيُّ وابن حبَّان على أنَّ المعنى كما تصلُّون في الكسوف لأنَّ أبا بكرةَ خاطب به أهل البصرة، وقد كان ابن عبَّاس علَّمهم أنَّها ركعتان في كلِّ ركعةٍ ركوعان، وفيه بحثٌ سبق في «صلاةِ الكسوف» [خ¦1040] (فَجُلِّيَ) بضم الجيم وكسر اللام مشدَّدة، فكُشِفَ (عَنْهَا) عن الشَّمس (ثُمَّ أَقْبَلَ) صلعم (عَلَيْنَا، وَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ) الدَّالَّة على وحدانيَّته وربوبيَّته (فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا) من الآيات (شَيْئًا) أو من الكِسْفَة، وفي رواية في «كتاب الكسوف» [خ¦1040] ”فإذا رأيتُموهما“ بالتَّثنية، أي: الشَّمس والقمر (فَصَلُّوا وَادْعُوا اللهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا) أي: الكِسْفَة.
          ومطابقةُ الحديث للتَّرجمة في قوله: «فقام يجرُّ ثوبَه مستعجلًا» فإنَّ فيه أنَّ الجرَّ إذا كان بسبب(2) الإسراعِ لا يدخل في النَّهي، فيُشعر بأنَّ النَّهي يختصُّ بما كان للخُيلاء، فلا ذمَّ إلَّا ممَّن قصد الخُيلاء، لكنَّه لا حجَّة فيه لمن أجازَ لُبس القميص الَّذي ينجر لطوله إذا خلا عن الخيلاء.
          وهذا الحديث قد سبق في «كتاب الكسوف» في أوَّل أبوابه [خ¦1040].


[1] في (ص) و(س): «عبيد الله».
[2] في (د): «سببه».