إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنما هذا من إخوان الكهان

          5758- وبه قالَ: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ) بضم العين المهملة وفتح الفاء، آخره راء مصغَّرًا، وهو سعيدُ بن كثير بنِ عُفير قالَ: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام قالَ: (حَدَّثَنَي) بالإفراد (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ) أميرُ مصرَ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلم (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَضَى فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ) بضم الهاء وفتح الذال المعجمة، ابن مُدْرِكة بن إلياس (اقْتَتَلَتَا، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا) وهي أمُّ عفيفٍ بنت مَسروح (الأُخْرَى) وهي مُلَيكة بنت عُويم(1) (بِحَجَرٍ فَأَصَابَ) الحجرُ (بَطْنَهَا وَهْيَ حَامِلٌ، فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلعم ) بلفظ الجمعِ كقوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا}[الحج:19] (فَقَضَى) ╕ (أَنَّ دِيَةَ مَا فِي بَطْنِهَا) ولو أُنثى، أو خُنثى، أو ناقص الأعضاءِ إذا عَلمنا بوجودهِ في بطنِ أمِّه (غُرَّةٌ) بضم الغين المعجمة(2) وتشديد الراء منوَّنًا، بياضٌ في الوجه، عبَّر(3) به عن الجسد كلِّه إطلاقًا للجُزء على الكُلِّ (عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ) بدلٌ من «غرَّةٍ»، ورواه بعضُهُم بالإضافة البيانيَّة، والأوَّلُ أقيسُ وأصوب لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ من إضافة الشَّيء إلى نفسهِ، ولا يجوزُ(4) إلَّا بتأويل كما ورد قليلًا(5)، و«أو» للتَّقسيم لا للشَّكِّ (فَقَالَ وَلِيُّ المَرْأَةِ الَّتِي غَرِمَتْ) بفتح المعجمة وكسر الراء، أي: الَّتي قضى عليها بالغُّرَّة، ووليُّها هو زوجها حَمَل _بفتح الحاء المهملة والميم المخففة_ ابن مالك بن النَّابغة الهُذليُّ الصَّحابيُّ، والغُّرةُ متى وجبَتْ فهي على العاقلةِ، ولأبي ذرٍّ: ”الَّتي غُرِّمت“ بضم المعجمة وكسر الراء مشددة (كَيْفَ أَغْرَمُ يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ) قال أبو الفتح عُثمان ابن جنِّي، أي: لم يأكُلْ، أقامَ الماضي مقام المضارعِ (وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ) ولا صاحَ عند الولادةِ (فَمِثْلُ ذَلِكَ بَطَل) بموحدة وطاء مهملة مفتوحتين وتخفيف اللام من البُطلان، ولابنِ عساكرَ وأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”يُطَلّ“ بتحتية بدل الموحدة وتشديد اللام، أي: يُهدر. يُقال: دمُ فلانٍ هدر، إذا تركَ الطَّلب بثأرهِ، وطُلَّ الدَّمُ _بضم الطاء وبفتحها_ (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : إِنَّمَا هَذَا) حَمَلٌ (مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ) لمشابهةِ كلامهِ كلامَهُم، زاد مُسلم: «من أجل سجعِهِ الَّذي سجع». ففيه: ذمُّ الكهَّان، ومن تشبَّه بهم في ألفاظهم حيثُ كانوا يستعملونهُ في الباطلِ كسَجْعَة(6) حَمَلٍ، يريد به إبطالَ حُكم الشَّرعِ، ولم يُعاقبْه‼ النَّبيُّ صلعم لأنَّه كان مأمورًا بالصَّفح عن الجاهلين.
          وهذا الحديثُ من أفراده.


[1] في (د): «عويمر».
[2] «المعجمة»: ليست في (د).
[3] في (س): «وعبر».
[4] في (ب) و(س): «تجوز».
[5] «كما ورد قليلًا»: ليست في (د).
[6] في (ب) و(س): «كسجع».