إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الطيرة

          ░43▒ (بابُ الطِّيَرَةِ) بكسر الطاء المهملة وفتح التحتية، التَّشاؤم بالشَّيء، وأصل ذلك أنَّهم كانوا في الجاهليَّة إذا خرج أحدهم لحاجةٍ، فإن رأى الطَّير طارَ عن يمينه تيمَّن به واستمرَّ، وإن طارَ عن يساره تشاءم به ورجعَ، وربَّما كانوا يهيِّجون الطَّيرَ ليطيرَ(1) فيعتمدون(2) ذلك، ويصحُّ معهم في الغالب ليُزيِّن الشَّيطان لهم ذلك. وبقيتْ بقايا من ذلك في كثيرٍ من المسلمين فنهى الشَّرع عن ذلك، وفي حديث إسماعيلَ بن أميَّة، عن عبد الرَّزَّاق، عن النَّبيِّ صلعم : «ثلاثةٌ لا يَسلم منهنَّ أحدٌ الطِّيرةُ والظَّنُ والحسدُ، فإذا تطَّيرت فلا ترجِعْ، وإذا حسدتَ فلا تبغِ، وإذا ظننْتَ فلا تحقِّق». وهذا _كما في «الفتح»_ مرسلٌ أو معضلٌ، لكنْ له شاهدٌ من حديث أبي هُريرة أخرجه البيهقيُّ في «الشُّعب». وفي حديثِ أبي هريرة بسند لينٍ عند ابن عديٍّ / مرفوعًا: «إذا تطَّيرتُم فامضُوا وعلى اللهِ فتوكَّلُوا». وفي حديث ابنِ عمر موقوفًا: «من عرضَ له من هذهِ الطِّيرةِ شيءٌ(3)، فليقُل: اللَّهمَّ لا طيرَ إلَّا طيرُكَ، ولا خيرَ إلَّا خيرُكَ، ولا إلهَ غيرُكَ». رواه البيهقيُّ في «شعبه»(4).


[1] في (م) و(د): «الطيور لتطير».
[2] في غير (م) و(د): «فيعيدون».
[3] «شيء»: ليست في (د).
[4] في (ب) و(س): «الشعب».