إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: احتجم النبي وهو صائم

          5694- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) عبدُ الله بن عَمرو المُقْعَد البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) ابنُ سعيد بنِ ذكوان التَّيميُّ، مولاهمُ البصريُّ التَّنُّوريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) السَّختيانيُّ (عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاسٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ ، أنَّه (قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلعم وَهْوَ صَائِمٌ) ومقتضاهُ أنَّه احتجم نهارًا، والحاصلُ من هذا الحديثِ وسابقه المعلَّقِ أنَّ الحجامةَ لا تتعيَّنُ في وقتٍ بل تكون عندَ الاحتياجِ. نعم، وردت أحاديثُ فيها التَّعيينُ، ففي حديثِ أبي هُريرة مرفوعًا: «من احتجمَ لسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرينَ، كان شفاءً من كلِّ داءٍ» رواهُ أبو داود، لكنَّه من روايةِ سعيد بن عبدِ الرَّحمن الجُمَحِيِّ، وقد وثَّقه الأكثر، وليَّنهُ بعضهم من قبل حفظهِ، وله شاهدٌ من حديث ابن عبَّاس عند أحمدَ والتِّرمذيِّ، ورجالُه ثقاتٌ لكنَّه معلولٌ، وشاهدٌ آخر من حديث أنسٍ عند ابن ماجه وسندهُ ضعيفٌ، وعند ابن ماجه من حديثِ ابن عُمر رفعه في أثنائه «فاحتجِمُوا على بركةِ الله يومَ الخميس، واحتجِمُوا يوم الاثنينِ والثُّلاثاء، واجتنبُوا(1) يوم الأربعاءِ والجمعةِ والسَّبتِ والأحدِ» ورواهُ الدَّارقطنيُّ في «الأفراد» من وجه آخر ضعيف.
          وحكي أنَّ رجلًا احتجم يومَ الأربعاءِ فأصابهُ مرضٌ لكونه تهاون بالحديثِ، وفي حديث أبي بَكْرةَ(2) عندَ أبي داود أنَّه(3) كان يكرهُ الحجامة يوم الثُّلاثاء، وقال: إنَّ رسولَ الله صلعم قال: «يوم الثُّلاثاء يوم الدَّم، وفيه ساعةٌ لا يرقأ فيها(4)». وعند الأطبَّاء أنَّ أنفعَ الحجامةِ ما يقعُ في السَّاعة الثَّانية أو الثَّالثة، وأن لا يقع عقبَ استفراغٍ من حمَّام أو جماعٍ(5)، ولا(6) عقبَ شبعٍ ولا جوعٍ، وأنَّها تُفْعَلُ في النِّصف الثَّاني من الشَّهر، ثمَّ في الرُّبع الثَّالث من أرباعه أنفعُ من أوَّله وآخره؛ لأنَّ الأخلاط في أوَّل الشَّهر تهيج، وفي آخره تسكنُ، فأولى ما يكونُ الاستفراغُ في أثنائهِ.


[1] في (ب) و(ص) و(ج) و(ل): «احتجموا»، وفي (د) و(م): «لا تحتجموا».
[2] في (م): «بكر».
[3] في (م): «و».
[4] في (م) زيادة: «دم».
[5] في (د): «حمام وجماع».
[6] في (م) زيادة: «يقع».