إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن ناسًا كان بهم سقم قالوا: يا رسول آونا

          5685- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الفَراهِيديُّ قالَ: (حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ) أبو رَوْح البصريُّ(1) قال: (حَدَّثَنَا ثَابِتٌ) البنانيُّ (عَنْ أَنَسٍ) ☺ (أَنَّ نَاسًا) زاد الإسماعيليُّ في روايةِ‼ بهز بن أسدٍ عن سلَّامٍ: ”من أهلِ الحجازِ“ وسبقَ في «الطَّهارة» [خ¦233] أنَّهم من عُكْلٍ أو عُرَينةَ، بالشَّكِّ وكانوا ثمانية: أربعة من عُكلٍ، وثلاثة من عُرينة، والرَّابع تبعًا(2) لهم، و(3)(كَانَ بِهِمْ سَقَمٌ) بفتح السين والقاف، وجعٌ في بطونِهم (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، آوِنَا) بمد الهمزة وكسر الواو، أنزلنا في مأوى (وَأَطْعِمْنَا) بفتح الهمزة وكسر العين، فآواهم صلعم وأطعمَهم (فَلَمَّا صَحُّوا، قَالُوا: إِنَّ المَدِينَةَ وَخِمَةٌ) وكان السَّقَم الَّذي كان بهم من الجوعِ أو من التَّعب، فلمَّا زال عنهم خافوا من وخمِ المدينةِ، إمَّا لكونهم أهل ريفٍ فلم يعتادوا الحضرَ، أو لما كان في المدينةِ من الحمَّى (فَأَنْزَلَهُمُ) صلعم (الحَرَّةَ) بفتح الحاء المهملة والراء المشددة، في(4) أرضٍ ذات حجارةٍ سودٍ بالمدينة (فِي ذَوْدٍ لَهُ) بفتح الذال المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة، وكان خمسَ عشرةَ (فَقَالَ) لهم ╕ : (اشْرَبُوا أَلْبَانَهَا) فشربوا (فَلَمَّا صَحُّوا) من ذلك الدَّاء (قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صلعم ) يسارًا النُّوبيُّ (وَاسْتَاقُوا ذَوْدَهُ، فَبَعَثَ) صلعم (فِي آثَارِهِمْ) بمد الهمزة، عشرينَ وأمَّر عليهم كُرْزَ بن جابرٍ، أو سعيد بن زيد فأُخِذُوا (فَقَطَعَ) ╕ (أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ) بتخفيف الميم وبالراء، أي: كحَّلها بالمساميرِ المحمَّاة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”وسَمَلَ“ باللام، أي: فقأها بحديدةٍ محمَّاة، وكانوا قد قطعوا يدَ الرَّاعي ورجله وغرزُوا الشَّوك في لسانهِ وعينيهِ حتَّى مات، كذا عند ابن(5) سعدٍ، وفي مسلمٍ أنَّهم ارتدُّوا، وإسنادُ الفعل إليه صلعم مجازٌ، قال أنس: (فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكْدُمُ الأَرْضَ بِلِسَانِهِ) زادَ بهز في روايتهِ «ممَّا يجدُ منَ الغمِّ والوجعِ» وعند أبي عَوانة في «صحيحه» «يعضُّ الأرضَ ليجدَ بردَها ممَّا يجدُ من الحرِّ والشِّدَّة» (حَتَّى يَمُوتَ).
          وبالسَّند السَّابق (قَالَ سَلَّامٌ) المذكور: (فَبَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ) بن يوسف، الأمير المشهور (قَالَ لأَنَسٍ: حَدِّثْنِي) بكسر الدال والإفراد (بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ عَاقَبَهُ النَّبِيُّ صلعم ) ذكر عاقبَه باعتبارِ العقابِ(6) (فَحَدَّثَهُ) أنس (بِهَذَا) الحديثِ (فَبَلَغَ الحَسَنَ) البصريَّ (فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ بهذا) الحديثِ(7)؛ لأنَّه كان ظالمًا يتمسَّك في الظُّلم بأدنى شيءٍ، وفي رواية بهز «فواللهِ ما انتهى الحجَّاجُ حتَّى قام بها على المنبر، فقال: حدَّثنا أنس...» فذكره، وقال: «قطعَ النَّبيُّ صلعم الأيديَ والأرجلَ وسَمَر الأعين في معصيةِ الله» أفلا نفعلُ نحو ذلك في معصيةِ الله، وسقط لغير الكُشميهنيِّ «بهذَا».


[1] «أبو روح البصري»: ليست في (د).
[2] في (س): «تابعًا».
[3] «و»: ليست في (س).
[4] في (د): «وهي».
[5] في (ب): «أبي».
[6] في (ص) زيادة: «وفي الفتح عاقبه».
[7] «الحديث»: ليست في (د) و(ص) و(م).