إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلًا

          5684- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي ذرٍّ بالإفراد (عَيَّاشُ‼ بْنُ الوَلِيدِ) بالمثناة التحتية وشين معجمة، النَّرْسيُّ _بنون مفتوحة وراء ساكنة وسين مهملة_ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى) بنُ عبد الأعلى السَّاميُّ _بالمهملة_ قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) بن أبي عَروبة (عَنْ قَتَادَةَ) بنِ دعامة (عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ) النَّاجيِّ _بالنون والجيم_ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) سعد الخدريِّ (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلعم فَقَالَ): يا رسولَ الله (أَخِي) قال الحافظُ ابن حَجر: لم أقفْ على اسم واحد منهما (يَشْتَكِي بَطْنَهُ) من إسهالٍ حصل لهُ من تخمةٍ أصابتهُ، ولمسلمٍ: «قد عَرِبَ بطنه» بعين مهملة وراء مكسورة فموحدة، أي: فسد هضمهُ واعتلَّت معدته، وفي باب العُذرة «فاستطلق بطنهُ» [خ¦5716] أي: كثُرَ خروجُ ما فيه، يريد الإسهال (فَقَالَ) صلعم : (اسْقِهِ عَسَلًا) صرفًا أو ممزوجًا، فسقاهُ فلم يبرأْ (ثُمَّ أَتَى) الرَّجل إلى(1) النَّبيِّ صلعم ، ولأبي ذرٍّ: ”ثمَّ أَتاهُ“ (الثَّانِيَةَ) فقال: إنِّي سقيته فلم يزدد إلَّا استطلاقًا (فَقَالَ) صلعم : (اسْقِهِ عَسَلًا) ليدفع الفضولَ المجتمعَة(2) من نواحِي معدتِه ومعاهُ بما فيه من الجلاءِ ودفع الفضولِ، فسقاهُ فلم يبرأْ لكونه غير مقاومٍ للدَّاء في الكميَّة (ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ) فقال: إنِّي سقيتُه فلم يبرأ (فَقَالَ) صلعم : (اسْقِهِ عَسَلًا) وقولهُ: ”ثمَّ أتَاهُ الثَّالثة...“ إلى آخره ثابتٌ لأبي ذرٍّ (ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: فَعَلْتُ) فلم يبرأ (فَقَالَ) صلعم : (صَدَقَ اللهُ) حيثُ / قال: {فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ}[النحل:69] (وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ) إذ لم يصلُح لقبولِ الشِّفاء بل زلَّ عنهُ(3). قال بعضهم: فيه أنَّ الكذبَ قد يطلقُ على عدم المطابقةِ في غير الخبرِ. قال في «المصابيح»: وهو على سبيلِ الاستعارة التَّبعيَّة. وفيه إشارةٌ إلى تحقيق نفعِ هذا الدَّواء (اسْقِهِ عَسَلًا. فَسَقَاهُ) في الرَّابعة (فَبَرَأَ) بفتح الراء لأنَّه لمَّا تكرَّر استعمالُ الدَّواء قاوم الدَّاء فأذهبهُ، فاعتبار مقاديرِ الأدوية وكيفيَّاتها ومقدار قوَّة المرضِ والمريض من أكبر(4) قواعد الطِّبِّ. قال في «زاد المعاد» وليس طبُّه صلعم كطبِّ الأطبَّاء، فإنَّ طبَّه ╕ متيقَّنٌ قطعيٌّ إلهيٌّ صادرٌ عن الوحي ومشكاة النُّبوَّة وكمال العقل، وطبُّ غيره حدسٌ وظنونٌ وتجارب.
          وهذا الحديثُ أخرجه البخاريُّ [خ¦5716]، ومسلم في «الطِّبِّ»، وكذا التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ.


[1] «إلى»: ليست في (س).
[2] في (ص): «المستجمة»، وفي (م): «المجمعة».
[3] في (د): «زاد فيه».
[4] في (م): «أقوى».