إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم

          5623- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ بالإفراد (إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ) الكوسجُ أبو يعقوب المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ) بفتح الراء في الأول وضم العين وتخفيف الموحدة في الثَّاني، قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ) عبدُ الملك بنُ عبد العزيز (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَطَاءٌ) هو ابنُ أبي رباح (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ ( ☻ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِذَا كَانَ جُـِنْحُ اللَّيْلِ) بكسر الجيم في الفرع كأصله وتضم، طائفةٌ من اللَّيل، وأراد به ههنا: الطَّائفة الأولى منه عندَ ابتداء فحمةِ العشاء (_أَوْ أَمْسَيْتُمْ_) شكٌّ من الرَّاوي، أي: دخلتُم في المساءِ (فَكُفُّوا) بضم الكاف والفاء المشددة، امنعوا (صِبْيَانَكُمْ) من الخروجِ حينئذٍ (فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ) تذهبُ وتجيءُ (حِينَئِذٍ) فربَّما يحصلُ لهم إيذاءٌ منهم من صرعٍ أو غيره (فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ) بضم الحاء المهملة واللام المشددة (وأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”فخَلُّوهم“ بالخاء المعجمة المفتوحة / واللام المشددة، ”فإنَّ الشَّياطين“ بالجمع (لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا) إذا ذُكِرَ اسمُ الله عليه (وَأَوْكُوا) بضم الكاف وسكون الواو بلا همز (قِرَبَكُمْ) شدوا رؤوسها بالوكاءِ (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ(1)) عند ذلك (وَخَمِّرُوا) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الميم مكسورة، غطُّوا (آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) عند تغطيتِهَا (وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا) بضم الراء (عَلَيْهَا) على الآنيةِ، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”عليه“ أي: الإناء (شَيْئًا) وجواب لو‼ محذوفٌ، أي: لو خمَّرتموها بشيءٍ نحو العودِ وذكرتُم اسم الله عليها(2) لكانَ كافيًا، والمقصودُ ذكر اسم الله تعالى مع كلِّ فعلٍ صيانةً عن الشَّيطان والوباء والحشراتِ والهوامِّ على ما وردَ: «بسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء» (وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ) بكسر الفاء بعدها همزة مضمومة، فإنَّ الفأرةَ ربَّما تضرمُ عليكم البيوتَ بالنَّار.
          وفي هذا الحديثِ جملةٌ من الآدابِ من جلبِ المصالحِ ودفعِ المضارِّ من كفِّ الصِّبيان وغلقِ الأبوابِ، وإيكاءِ القُرب، وغير ذلك ممَّا لا يخفى.
          وهذا الحديث سبق في «صفةِ إبليس» [خ¦3280].


[1] في (م) و(د) زيادة: «عليه».
[2] في (ص) و(م) و(د): «عليه».