إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أفلا كنتم آذنتموني به دلوني على قبره

          458- وبه قال: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) بتصغير الأوَّل، وبالمُوحَّدة آخر الثَّاني، الأزديُّ الواشحيُّ، بشينٍ مُعجَمةٍ ثمَّ حاءٍ مُهمَلةٍ، البصريُّ قاضي مكَّة (قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) هو: ابن درهمٍ الأزديُّ الحمصيُّ البصريُّ (عَنْ ثَابِتٍ) البنانيِّ (عَنْ أَبِي رَافِعٍ) نُفيعٍ _بضمِّ النُّون وفتح الفاء_ الصَّائغ، التَّابعيِّ لا الصَّحابيِّ لأنَّ ثابتًا لم يدركه (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ، أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ) وعند ابن خزيمة من طريق العلاء بن عبد  الرَّحمن عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ: «امرأةً سوداء» من غير شكٍّ، وبه جزم أبو الشَّيخ في «كتاب الصَّلاة» له بسندٍ مُرسَلٍ، فالشَّكُّ هنا من ثابتٍ على الرَّاجح، وسمَّاها في رواية البيهقيِّ: أمَّ محجنٍ (كَانَ يَقُمُّ) أو كانت تقمُّ (المَسْجِدَ) بضمِّ القاف، أي: تكنسه(1)، وفي بعض طرقه: ”كانت تلقط الخرق والعيدان من المسجد“ وبذلك تقع المُطابَقة بين التَّرجمة والحديث (فَمَاتَ) أو ماتت (فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلعم عَنْهُ) أو عنها النَّاس (فَقَالُوا: مَاتَ) أو ماتت، وأفاد البيهقيُّ في روايته: أنَّ الَّذي أجاب النَّبيَّ صلعم هو أبو بكر الصِّدِّيق ☺ (قَالَ) ╕ ، ولأبوَي ذَرٍّ والوقت: ”فقال“: (أَفَلَا) إذا دفنتم فلا(2) (كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي) بالمدِّ، أي: أعلمتموني (بِهِ) أو بها حتَّى أصلِّي عليه أو عليها، وعند المؤلِّف في «الجنائز» [خ¦1337]: «فحقَّروا شأنه»، ولابن خزيمة: قالوا: «مات من اللَّيل‼ فكرهنا أن نوقظك»، وحذف «كانت» بعد قوله: «كان يقمُّ(3)» كحذف مؤنث باقيها الَّذي قدّرته للدَّلالة عليه، ثمَّ قال ╕ : (دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ، أَوْ قَالَ:) عَلَى (قَبْرِهَا) على الشَّكِّ (فَأَتَى) رسول الله صلعم (قَبْرَهُ) ولابن عساكر: ”قبرها“ (فَصَلَّى عَلَيْهِا) وزاد الطَّبرانيُّ من حديث ابن عبَّاسٍ ☻ : و(4) قال: «إنِّي رأيتها في الجنَّة تلقط القذى من المسجد» وللأَصيليِّ: ”عليه“ وهو حجَّةٌ على المالكيَّة حيث منعوا الصَّلاة على القبر.
          وتأتي مباحث الحديث _إن شاء الله تعالى_ في محالِّه(5)، ورواته الخمسة ما بين بصريٍّ ومدنيٍّ، وفيه: التَّحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «الصَّلاة» [خ¦460] و«الجنائز» [خ¦1337]، ومسلمٌ وأبو داود وابن ماجه(6).


[1] في (م): «تكشفه».
[2] في (ج): «أي: أَدَفَنتم؟».
[3] في (م): «تقمُّ».
[4] «و»: سقط من (د) و(م).
[5] «في محالِّه»: سقط من (د).
[6] «وابن ماجه»: سقط من (م).