إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء

          5569- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ) الضَّحَّاك النَّبيل (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ) بضم العين (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ) أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ) بالصاد المهملة الساكنة والموحدة المكسورة (بَعْدَ ثَالِثَةٍ) من اللَّيالي من وقت التَّضحية (وَفِي بَيْتِهِ) ولأبي ذرٍّ: ”وبقي في بيته“ (مِنْهُ) من الَّذي ضحَّى به (شَيْءٌ) من لحمه (فَلَمَّا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ(1) المَاضِي) من ترك الادخارِ. قال ابنُ المنيِّر: وكأنَّهم فهموا أنَّ النَّهي ذلك العام كان على سببٍ خاصٍّ وهو الدَّأفة، وإذا ورد العام على سببٍ خاصٍّ حاكَ(2) في النَّفس من عمومهِ وخصوصهِ إشكالٌ، فلمَّا كان مظنَّة الاختصاص عاودوا السؤالَ فبيَّن لهم صلعم أنَّه خاصٌّ بذلك السَّبب، ويشبهُ أن يستدلَّ بهذا من يقول: إنَّ العامَّ يَضعُفُ عمومُه بالسَّببِ، فلا يبقَى على أصالتِهِ ولا يُنْتَهَى به إلى(3) التَّخْصيص، ألا ترى أنَّهم لو اعتقدوا بقاءَ العموم على أصالتهِ(4) لما سألوا، ولو اعتقدُوا الخصوصَ أيضًا لما سألوا، فسؤالهم يدلُّ على أنَّه ذو شأنين، وهذا اختيارُ الإمام / الجُوَيني (قَالَ) صلعم لهم(5)‼: (كُلُوا وَأَطْعِمُوا) بهمزة قطع وكسر العين المهملة (وَادَّخِرُوا) بالدال المهملة المشددة (فَإِنَّ ذَلِكَ العَامَ) الواقع فيه النَّهي (كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ) بفتح الجيم، أي: مشقَّة (فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا) الفقراء (فِيهَا) للمشقَّة(6) المفهومة من الجهدِ، والأمر في قولهِ: «كلوا وأطعموا» للإباحةِ.
          وهذا الحديث ثالث عشر من ثلاثيَّات البُخاريِّ.


[1] في (ب) و(س): «العام».
[2] في (د) و(م): «جاز».
[3] «إلى»: ليست في (م).
[4] «على أصالته»: ليست في (د).
[5] «لهم»: ليست في (ص) و(م).
[6] قال الشيخ قطة ☼ : لعل الأصل: «الضمير للمشقة» فسقط لفظ: «الضمير» من قلم الشارح أو الناسخ.