إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هذا أمر كتبه الله على بنات آدم اقضي ما يقضي الحاج

          5559- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ) القاسم بن محمَّد بن أبي بكر التَّيميِّ (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلعم بِسَرِفَ) بفتح السين المهملة وكسر الراء بعدها فاء، موضعٌ قرب مكَّة قبل أن أدخلها (وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ(1): مَا لَكِ أَنَفِسْتِ؟) بفتح الهمزة والنون وكسر الفاء وسكون السين المهملة، أحضتِ من النَّفس وهو الدَّم، وفرَّقوا بين الحيض والنِّفاس، فقالوا: بفتح النون في الحيض، وفي الولادة بضمها، وحكي الضم فيهما وثبت في روايتنا بالوجهين (قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ) صلعم : (هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ) في حديث ابن مسعودٍ عند عبد الرَّزَّاق بإسنادٍ صحيحٍ قال: «كان الرِّجال والنِّساء في بني إسرائيل يصلُّون جميعًا، فكانت المرأة تتشوَّف(2) للرَّجل فألقَى الله عليهنَّ الحيضَ ومنعهنَّ المساجد»، وحديث الباب شاملٌ لجميع بنات آدمَ فيتناولُ الإسرائيليَّات ومن قبلهنَّ، أو بنات آدم عامٌّ أريد به الخصوص (اقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ) من المناسك، والمراد بالقضاءِ هنا: الأداء، أي: ما يؤدِّي الحاج (غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالبَيْتِ) حتَّى تطهري طهارة كاملةً(3) بانقطاعِ الحيض والاغتسال.
          (وَضَحَّى رَسُولُ اللهِ صلعم ‼ عَنْ نِسَائِهِ بِالبَقَرِ) وفي رواية يونس عن الزُّهريِّ عند النَّسائيِّ وأبي داود وغيرهما، عن عمرة، عن عائشة: «أنَّ رسولَ الله صلعم نحرَ عن أزواجه بقرةً واحدةً»، لكن قال إسماعيلُ القاضي: تفرَّد به يونس، وخالفه غيره. انتهى. ويونسُ ثقةٌ حافظٌ، وقد تابعه معمر عند النَّسائيِّ أيضًا، ولفظه أصرحُ من لفظ يونس قال: «ما ذُبح عن(4) آل محمَّدٍ في حجَّة الوداع إلَّا بقرةٌ». واستدلَّ بالحديث على أنَّ الإنسان قد يلحقُه من عملِ غيره ما يحملُه(5) عنه بغيرِ أمرهِ ولا علمهِ، وتعقِّب باحتمالِ الاستئذان.


[1] في (د): «قال».
[2] في (د) و(ص) و(م): «تتشرف».
[3] قوله: «طهارة كاملة» مثبت من (د).
[4] «عن»: ليست في (م).
[5] في (د): «يعمله».