إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من اقتنى كلبًا ليس بكلب ماشية أو ضارية

          5480- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) المِنْقَريُّ التَّبُوذَكِيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ) القَسْمليُّ _بالقاف والسين المهملة الساكنة_ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ☻ ) يحدِّث(1) (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَنِ اقْتَنَى) أي: ادَّخر عنده (كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ) يحرسها (أَوْ) كلب جماعةٍ (ضَارِيَةٍ) فهو استعارة صفة للجماعة الضَّارين أصحاب الكلاب الضَّارية على الصَّيد. يقال: ضرى على الصَّيد ضراوةً، أي: تعوَّد ذلك واستمرَّ عليه، وضَرِيَ الكلبُ وأضراه صاحبُه، أي: عوَّده وأغراه بالصَّيد، والجمع: ضوارٍ. أو هو من باب التَّناسب؛ إذ كان الأصل هنا أن يقول: أو ضارٍ، لكنَّه أنَّث للتَّناسب للفظ ماشية نحو: لا دَرَيتَ ولا تليتَ، وكان حقُّه أن يقول: تلوت (نَقَصَ) بلفظ الماضي (كُلَّ يَوْمٍ) في كلِّ يوم (مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ) لامتناعِ دخول الملائكة منزله، أو لما يلحقُ المارَّة من الأذى من ترويعِ الكلب لهم وقصده إيَّاهم. وللأَصيليِّ وابنِ عساكرَ: ”قيراطين“ بالياء بعد الطاء بدل الألف لأنَّ «نقص» يستعملُ لازمًا ومتعدِّيًا باعتبار اشتقاقِهِ من النُّقصان والنَّقص، فنصب قيراطين على أنَّه مُتَعَدٍّ وفاعله ضميرٌ يعود على الاقتناء المفهوم من قولهِ: اقتنى كلبًا. والرَّفع على أنَّه لازم، أو على أنَّه متعدٍّ مبنيٍّ للمفعول، والأخير ثابتٌ في غير الفرع، والقيراط في الأصل: نصفُ دانق، والمراد به هنا: مقدارٌ معلومٌ عند الله، أي: نقص جزأين من أجزاء عملهِ.
          وسبق في «المُزارَعة» من حديث أبي هريرة: «قيراط» [خ¦2322] بلفظ الإفراد، وجمع بينهما باحتمال أن يكون ذلك في نوعين من الكلابِ أحدهما أشدُّ أذى من الآخر، أو باختلاف المواضع، فيكون القيراطان(2) في المدائن والقرى، والقيراطُ في البوادي، أو كان في زمانين، فذكر القيراط أولًا ثمَّ زاد التَّغليظ فذكر القيراطين.


[1] «يحدث»: ليست في (س).
[2] في (م): «للقيراطين».