إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا فرع ولا عتيرة

          5473- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ‼) هو لقب عبدِ الله بن عثمان المروزيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابنُ راشد قال: (أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ) محمَّد بن مسلم(1) (عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ) سعيد (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ) بفتح العين المهملة وكسر الفوقية وبعد التحتية الساكنة راء فهاء تأنيث، فعيلة بمعنى مفعولة، والتَّعبير بلفظ النَّفي والمراد النَّهي، كما في رواية النَّسائيِّ والإسماعيليِّ: «نهى رسول الله صلعم ». ولأحمد: «لا فرعَ ولا عتيرةَ في الإسلام» (وَالفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانُوا) في الجاهليَّة (يَذْبَحُونَهُ لَطِوَاغِيتِهِمْ) لأصنامهم الَّتي كانوا يعبدونها من دون الله (وَالعَتِيرَةُ) النَّسيكة الَّتي تعتر، أي: تذبح، وكانوا يذبحونها (فِي) العشر الأوَّل من (رَجَبٍ) ويسمُّونها: الرَّجبيَّة.
          وقد صرَّح عبد المجيد ابن أبي رواد، عن مَعمر _فيما أخرجه أبو قرَّة موسى بن طارق في «السنن» له_ بأنَّ تفسير الفَرَع والعتيرة من قول الزُّهريِّ، وزاد أبو داود _بعد قولهِ: يذبحونه لطواغيتهم_ عن بعضهم: ثمَّ يأكلونهُ، ويُلقى جلده على الشَّجر.
          وفيه: إشارةٌ إلى علَّة النَّهي، واستُنبط منه الجواز إذا كان الذَّبح لله جمعًا بينه وبين / حديث أبي داود والنَّسائيِّ والحاكم من رواية داود بن قيس، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن عمرو _كذا في رواية الحاكم_ قال: سئل رسولُ الله صلعم عن الفَرَع؟ قال: «الفَرَع حقٌّ، وإن(2) تتركه حتَّى يكون بنت مخاضٍ أو ابن لبون، فتحملَ عليه في سبيل الله، أو تعطيَه أرملةً خيرٌ من أن تذبحَه يلصقُ لحمُه بوبرهِ».
          وقوله: حق، أي: ليس بباطلٍ، وهو كلامٌ خرج على جواب السَّائل، فلا مخالفةَ بينه وبين حديث: «لا فَرَع ولا عتيرة» فإن معناه: لا فَرَع واجبٌ، ولا عتيرة واجبةٌ. وقال النَّوويُّ: نصَّ الشَّافعيُّ في «حرملة»: على أنَّ الفرع والعتيرة مستحبَّان.


[1] في (د) زيادة: «الزهري».
[2] في (م): «لا».