إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنا نتزود لحوم الهدي على عهد النبي

          5424- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) المُسْنَديُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة (عَنْ عَمْرٍو) بفتح العين، ابن دينار (عَنْ عَطَاءٍ) هو ابنُ أبي رباح (عَنْ جَابِرٍ) الأنصاريِّ ☺ أنَّه (قَالَ: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الهَدْيِ) الَّذي يهدى إلى الحرم من النَّعم (عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ(1) صلعم ) أي: في زمانهِ في سفرنا من مكة (إِلَى المَدِينَةِ).
          (تَابَعَهُ) أي: تابع عبد الله بن محمد المسنَديَّ (مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سلام (عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ) سفيان، وهذه المتابعة أخرجها ابنُ أبي عمر في «مسنده» (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك بنُ عبد العزيز: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ) هو ابنُ أبي رباح: (أَقَالَ) جابر: كنَّا نتزوَّد لحوم الهدي (حَتَّى جِئْنَا المَدِينَةَ؟ قَالَ) عطاءٌ: (لَا) لم يقلْ جابر: «حتَّى جئنا المدينةَ». وقال الحافظُ ابن حَجر: ليس المرادُ بقول عطاء: «لا» نفيَ الحكم، بل مراده أنَّ جابرًا لم يصرِّح باستمرار ذلك منهم حتَّى قدموا، فيكون على هذا معنى قولهِ في رواية عَمرو بن دينارٍ عن عطاء: كنَّا نتزوَّد لحوم الهدي إلى المدينةِ، أي: لتوجُّهنا إلى المدينة، ولا يلزمُ من ذلك بقاؤها معهم حتَّى يصلوا إلى المدينةِ، لكن روى مسلم من حديث ثوبان: ذبح النَّبيُّ صلعم أضحيته ثمَّ قال لي: «يا ثوبان أصلحْ لحمَ هذه» فلم أزلْ أطعمه منها حتَّى قدم المدينة.
          وهذا التَّعليق وصله المؤلِّف في «باب ما يؤكل من البُدْن» من «كتاب الحج» [خ¦1719] ولفظه: كنَّا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث، فرخَّص لنا النَّبيُّ صلعم فقال: «كلوا وتزوَّدوا» ولم يذكر هذه الزِّيادة.
          نعم، ذكرها مسلمٌ في روايته عن محمد بن حاتم، عن يحيى بنِ سعيد بالسَّند الَّذي أخرجَه به البخاريُّ فقال بعد قولهِ: «كلُوا وتزوَّدوا»: قلتُ لعطاء: أَوَقال(2) جابر: حتَّى جئنا المدينة؟ قال: نعم. كذا وقع عنده بخلاف ما وقع عند البخاريِّ: قال: لا. والَّذي وقع عند البخاريِّ هو المعتمدُ، فإنَّ الإمام أحمد أخرجهُ(3) في «مسنده» عن يحيى بنِ سعيد كذلك، وكذا أخرجه النَّسائيُّ عن عَمرو بن عليٍّ، عن يحيى بنِ سعيد، قاله في «الفتح».


[1] في (م) و(د): «رسول الله».
[2] في (د): «أقال».
[3] في (م): «أخرج».