إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما علمت النبي أكل على سكرجة قط

          5386- به قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ) بذال معجمة (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد / (أَبِي) هشام الدَّستوائيُّ (عَنْ يُونُسَ) بن أبي الفُرات (قَالَ عَلِيٌّ) أي: ابن المدينيِّ: يونسُ (هُوَ الإِسْكَافُ) بكسر الهمزة وسكون السين المهملة بعدها كاف فألف ففاء، وفي طبقته يونس بن عُبيد البصريُّ، أحدُ الثِّقات، وليس هو المراد هنا، ولذا بيَّنه ابن المدينيِّ خوفًا من الالتباس (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة (عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: مَا عَلِمْتُ النَّبِيَّ صلعم ‼ أَكَلَ عَلَى سُكُـْرَُّجَةٍ قَطُّ) بضم السين المهملة والكاف. وفي «اليونينيَّة» بسكون الكاف والراء المشددة بعدها جيم مفتوحة أو بفتح الراء، وبه جزم التُّوربشتيُّ. قيل: هي قصاعٌ كبيرها يسع ستَّ أواقٍ كانت العجم تستعملُها في الكوامخِ، وما أشبهها من الجَوَارِشْنَات على الموائدِ حولَ الأطعمةِ للهضم. والنَّبيُّ صلعم لم يأكلْ على هذه الصِّفة قط (وَلَا خُبِزَ) بضم الخاء المعجمة (لَهُ) خبز (مُرَقَّقٌ قَطُّ، وَلَا أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ) و«قط» هذه الأخيرة ثابتةٌ لأبي ذرٍّ ساقطة لغيره.
          وقول أنس: ما علمت فيه _كما في «شرح المشكاة»_ نفي العلم وإرادة نفي المعلوم فهو من بابِ نفي الشَّيءِ بنفِي لازمهِ، وإنَّما صحَّ هذا من أنسٍ لطولِ لزومه النَّبيَّ صلعم وعدم مفارقتهِ له إلى أن مات. وعند ابن ماجه من حديثِ أبي هريرة: «أنَّه زارَ قومه فأتوه برقاقٍ فبكَى، وقال: ما رأى رسول الله صلعم هذا بعينهِ» (قِيلَ لِقَتَادَةَ) بن دِعامة: (فَعَلَامَا) بألف بعد الميم، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”فعلامَ“ (كَانُوا يَأْكُلُونَ) بلفظ الجمع، وكان الأصل أن يقال: علاما كان يأكل، فعدلَ عن الإفراد للجمع إشارة إلى أنَّ ذلك لم يكن مختصًّا به صلعم ، بل كان أصحابه مقتدين به في ذلك كغيرهِ (قَالَ) قتادة: كانوا يأكلونَ (عَلَى السُّفَرِ) بضم السين وفتح الفاء، جمع: سفرةٍ، وأصلها كما مرَّ: الطَّعام الَّذي يُتَّخذ للمسافرِ فهو من بابِ تسميةِ المحلِّ باسم الحالِّ.
          وهذا الحديثُ أخرجهُ التِّرمذيُّ في «الأطعمةِ»، والنَّسائيُّ في «الرَّقائق» و«الوليمة»، وابن ماجه في «الأطعمةِ».