إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: فوالذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا

          5368- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ) هو أحمدُ بنُ عبد الله بنِ يونس التَّميميُّ اليربوعيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) الزُّهريُّ العوفيُّ المدنيُّ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريُّ (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) أنَّه (قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلعم رَجُلٌ) سبق في «الصَّوم» أنَّه قيل: إنَّه سلمة بن صخر، وقيل: سلمان بن صخرٍ، وقيل: أعرابي (فَقَالَ: هَلَكْتُ) أي: فعلت ما هو سببٌ لهلاكي (قَالَ) صلعم : (وَلِمَ) هلكتَ؟ (قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي) جامعتُ زوجتي (فِي) نهار (رَمَضَانَ. قَالَ) ╕ له: (فَأَعْتِقْ رَقَبَةً) بهمزة قطع (قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي) ما أعتق به رقبة (قَالَ) ╕ : (فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ) الصَّوم (قَالَ) صلوات الله وسلامه عليه: (فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا) بقطع همزة فأطعم (قَالَ: لَا أَجِدُ) ما أُطعم به (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلعم بِعَرَقٍ) بفتح العين والراء، وعاء من خوص (فِيهِ تَمْرٌ) خمسة عشر صاعًا، وعند ابن خزيمة من حديث عائشة: «عشرون» كما سبق في «الصوم» (فَقَالَ) صلعم : (أَيْنَ السَّائِلُ؟) عما يخلصه من الهلاك (قَالَ: هَا أَنَا ذَا) يا رسول الله (قَالَ) صلعم : (تَصَدَّقْ بِهَذَا) التَّمر (قَالَ) الرَّجل: أتصدَّق به (عَلَى) أحدٍ (أَحْوَجَ(1) مِنَّا يَا رَسُولَ اللهِ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) تثنية لابة بغير همز، يريد: حرَّتي المدينة أرضٌ ذات حجارة سود (أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا) زاد ابنُ خزيمة من حديث عائشة: «ما لنا عشاء ليلة» (فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلعم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ) تعجُّبًا من حاله في طمعهِ بعد خوفهِ من هلاكهِ ورغبتهِ في الفداء أن يأكلَ ما أعطيه في الكفَّارة (قَالَ) ╕ : (فَأَنْتُمْ إِذًا) أحقُّ به.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة _كما قال ابن بطَّال_ من حيث إنَّه صلعم أباح له إطعام أهله التَّمر‼، ولم يقل له: إنَّ ذلك يجزيك عن الكفَّارة لأنَّه قد تعيَّن عليه فرض النَّفقة على أهلهِ بوجود التَّمر وهو ألزمُ له من الكفَّارة.
          وتعقَّبه في «الفتح» بأنَّه يشبه الدَّعوى فيحتاجُ إلى دليل. قال: والَّذي يظهرُ لي أنَّ الأخذَ من جهة اهتمام الرَّجل بنفقةِ أهلهِ، حيث قال لما قيل له: تصدَّق به فقال: أعلى أحوج منَّا، فلولا اهتمامُه بنفقةِ أهلهِ لبادر وتصدَّق.
          وهذا الحديثُ قد سبق في «الصَّوم» [خ¦1936].


[1] في (ص): «أجوع».